Site icon IMLebanon

فضيحة إرهاب الفنادق !  

يحار المراقب لما يجري في بلاد «الربيع العربي»، في أمر الناطقين باسم «الثورات» المزعومة والتيارات السياسية، لجهة المنطق الذي يتبعونه في فهمهم للأحداث وفي صياغة مواقفهم وفي الإعلان عن ردود فعلهم.

لم يبق في هذا العالم مغامر أو مهووس إلا وحاولت الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها في أوروبا، تجنيده وإرساله إلى سوريا. هكذا فعلت في العراق. أكد وزير خارجية تونس أن ألفين وخمسمائة تونسي يحاربون في سوريا، وأن حكومته منعت عدة آلاف تونسيين من الإنضمام إلى هذه الحرب. تجمع وسائل الإعلام أن في ليبيا عددا من معسكرات التدريب يتم فيها إعداد المرتزقة، للقتال في سوريا.

ليس من حاجة في اعتقادي للبسط والتوسع، للدلالة على تصدير الإرهاب من إمارات النفط إلى سوريا، فكم من أمير ممتلىء نفطا ودولارا، وقف خلف منبر جامعة الدول العربية، وفي أروقة الأمم المتحدة، ودواوين عواصم الإستعمار الغربي، يدعو إلى إرسال السلاح والجنود والبوارج إلى سوريا، وإلى ضربها بالصواريخ العابرة للقارات. ما تزال صورة رئيس الوزراء التركي أردوغان وهو يتعنتر، عالقة بأذهاننا. هناك صور كثيرة أيضا لغيره، لا يتسع المجال هنا لتقليبها.

ألم يتدخل، تيار المستقبل في الحرب على سوريا؟ ألم يرسل هذا التيار، الأموال والسلاح والمسلحين و«البطانيات» إلى سوريا؟! هل ننسى الخطب الرنانة التي كان يلقيها أقطابه وحلفاؤه، عندما كانوا يظنون أن الدولة السورية سوف تتهاوى عما قريب، فتسنح لهم الفرصة للثأر والإنتقام من الذين حافظوا على لبنان، فعطلوا إتفاقية 17 أيار 1983، ورفضوا إلحاقه بسياسة مجلس التعاون الخليجي ! ماذا عن النائب المستقبلي عقاب صقر الذي زعم أنه ينشط من أجل تأمين حليب الأطفال والأحرمة للنازحين السوريين في المخيمات التي أقيمت لهم في تركيا.

لماذا هاج هائج، جماعة المستقبل في لبنان وحلفائهم في تجمع 14 آذار، عندما أعلن حزب الله، وكان محقا، انه ذاهب ومقاتليه إلى سوريا للدفاع عنها ! هل تجهل الجماعة المذكورة، ان سوريا كانت محورا أساسيا في مقاومة احتلال الإسرائيليين للبنان في الفترة بين 1982 و2000، وفي صد عدوانهم في تموز 2006؟!

لا ضرورة هنا، لان نرتجع الماضي. فإذا كانت إحدى نقائص السلطة في بلاد العرب هي الإستهتار بدماء الشهداء، فإن الإستهتار بمعيشة الأحياء وبمستقبل الأجيال المقبلة، بجعلهم رهينة بين يدي المستعمرين، لهو من أقبح النقائص وأعظم الخيانات على الإطلاق. جميع المسائل في لبنان، وفي بلاد الشام تقاس بمعيار النضال ضد المستعمرين الإسرائيليين، قبل العدوان وأثناءه وبعده !

أن المقارنة التي يساوي فيها، تجمع 14 آذار بين حزب الله من جهة وجماعات داعش الإرهابية من جهة ثانية، هي مقارنة مرفوضة. فضلا عن أنها مغلوطة، كون هذا التجمع هو حليف موضوعي لهذه الجماعات الإرهابية.

واعتمادي في هذا الحكم، على موقف 14 آذار من التفجيرات الإرهابية، التي تضرب بين الفينة والفينة، ضاحية بيروت الجنوبية. كيف نلخص هذا الموقف ؟ أن ذهاب مقاتلي حزب الله إلى سوريا هو الذي دفع بجماعات داعش ومن هم على شاكلتها إلى الإتيان بسيارات ملغمة، وتفجيرها. نادرا ما تحتوي بيانات 14 آذار، وتيار المستقبل، تنديدا صريحا بهذه الأعمال التي تطال الناس العاديين في الطرقات والساحات العامة. ولكن هذه الجهات تتخذ من مثل هذه الأحداث المفجعة ذريعة للتنديد بخصمها حزب الله وخصم العدو الإسرائيلي في آن !

مجمل القول أن تيار المستقبل وحلفاءه في 14 آذار، يلقي باللائمة على حزب الله في موضوع التفجيرات الإرهابية. ما يعني ضمنيا أنه يتفهم ويبرر جرائم الإرهابيين ضد الناس. «الرّاضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم، وعلى كل داخل في باطل إثمان، إثم العمل به وإثم الرضى به» (علي بن أبي طالب). المعروف ان هذا التيار لا يكتفي بالتبرير وإنما يوظفه في المنازعة بينه وبين حزب الله، لعله يصل بواسطته إلى ما يصبو إليه من أهداف. ما هي أهداف تيار المستقبل في لبنان؟ هذا موضوع آخر!

تجدر الملاحظة في هذا السياق إلى أن تيار المستقبل وحلفاءه بدّلوا معزوفتهم كما يبدو، إثر اكتشاف أمر إرهابيين سعوديين، كانا يختبئان في أحد فنادق بيروت. إقتضى ذلك تصريحات من نوع جديد. تضمنت إعترافا، بأن الإرهاب الذي يضرب الضاحية الجنوبية، كان موجودا في لبنان قبل الحرب على سوريا، وقبل ذهاب حزب الله إليها. كان هذا الإرهاب موجودا في جرود الضنية، وتواجد أيضا في مخيم نهر البارد. أما السيد عبد الله عزام، فما نعرفه عنه أنه هاجر إلى أفغانستان، وترك اللاجئين الفلسطينيين وحظهم العاثر ! لا يهاب أهل السياسة في لبنان التناقضات!.

وأغلب الظن أن القصد من التصريحات الجديدة، بعد إفتضاح إرهاب الفنادق البيروتية، كان أيضا إبعاد الشبهة عن المملكة السعودية. الإرهبيان يحملان الجنسية السعودية، ولكن «الإرهاب لا هوية ولا دين له» !. من يدري من المحتمل أنهما يحملان وثائق ثبوتية مزورة ! السنة «ليسوا أحرار التطرف» بل «هم أحرار الإعتدال والتسامح» حسنا. المسألة ليست في الدين، ولكن في الإتجار بالدين واستخدامه في السياسة!

لا منأى في إطار هذه المقاربة عن الإشارة في الختام، إلى غرابة موقف حزب الله حيال تنطح خصومه في الهجوم عليه. فهو لا يعاملهم المثل. وكأنه يحترم حدود الطوائف والمذاهب، فلا يكافئ أو يعاقب إلا ضمن حدود تمدد سلطته ورقابته. في حين أن خصومه يتجاوزون جميع الخطوط الحمراء والصفراء والخضراء، والزرقاء أيضا ! التي تفصل في الراهن بين لبنان وفلسطين المحتلة، ويظهرون نزعة فوقية. كأن أموال النفط تـُعلي أناسا وتنزل أناسا.