Site icon IMLebanon

فـي ذكـرى الاجـتيـاح الإسـرائيلـي عـام 82 لبنـان يُـؤرق إسـرائيـل

فـي ذكـرى الاجـتيـاح الإسـرائيلـي عـام 82 لبنـان يُـؤرق إسـرائيـل

حزب اللـه «القـوّة الإقليـميّـة» أسقـط تـل أبيب فـي فـخّ إنـهـاء «مُنظّمـة التحـريـر» هـل تتـغيّـر اسـتراتيـجـيّـة المـقاومـة مـن «انتـصـار الصـمـود» الـى «انتـصـار الهـجـوم»؟

عشية الذكرى الثانية والثلاثون لاجتياح الجيش الاسرائيلي في حزيران عام 1982، لا تزال اسرائيل ،تعيش الكابوس اللبناني، الذي ظنت لفترة انه انتهى مع قضائها على الهيكلية التنظيمية العسكرية لمنظمة التحرير الفلسطينية، لتتفاجأ بظهور عدو جديد بحسب المحللين الاسرائيليين، اكثر خطرا وتمرسا، تحول خلال سنوات قليلة من مقاومة محلية الى قوة اقليمية تغير المعادلات فارضة نفسها على جدول اولويات الدول الكبرى، مهددة في كل لحظة بخلط الاوراق وبالمفاجآت النوعية.

فرغم تضاؤل احتمالات الحرب المخطط لها في السنوات الأخيرة بين إسرائيل وأي من جاراتها، لا يزال خطر الحرب غير المتوقعة قائماً، خصوصا مع «حزب الله» المتمدد باتجاه الجولان وفق استراتيجية توحيد الجبهتين السورية واللبنانية في اي حرب مقبلة، وفي ظل اهتزاز الردع المتبادل الذي قام في سنوات ما بعد حرب لبنان الثانية، بحسب ما تظهره الهجمات الجوية الاسرائيلية خلال العام الأخير وسلسلة عمليات الحزب في مزارع شبعا وهضبة الجولان السورية.

تجمع القيادات العسكرية الاسرائيلية، على ان الفكرة السائدة في الجيش الاسرائيلي تؤكد أن حزب الله،سيعمد في الحرب المرتقبة الى تكرار الاستراتيجية التي ضمنت له ما يشبه التعادل مع اسرائيل في الجولة الاخيرة عام2006، وهي النصر بواسطة عدم الهزيمة،التي قامت على الانتصار لمجرد تمكنه من مواصلة اطلاق الصواريخ على اسرائيل طوال 34 يوما، دون رفع راية الاستسلام أمام الجيش الاسرائيلي. من هنا فانه من المنطقي أن يعمد الحزب في المرة المقبلة الى تكرار ذلك الانجاز بخوض حرب استنزاف باطلاق عشرات آلاف الصواريخ مدة طويلة نسبيا، بالتوازي مع عرقلة عمل الجيش الاسرائيلي داخل لبنان ليمنعه من تحقيق نصر حاسم، في تعبير واضح لفهم الحزب العميق للتفوق الاسرائيلي، من تفوق تكنولوجي واستخباراتي وجوي وقدرة على ضرب أهداف بدقة وقوة فتاكة،وادراكه ايضا لنقاط الضعف، خصوصا الحساسية المفرطة تجاه الضحايا على جانبي الحدود، وعدم الرغبة في إطالة أمد المعركة والحاجة الى تحقيق نصر حاد واضح.

استراتيجية عمل حزب الله وبحسب مصادر في 8 آذار على تطويرها وتحسينها مستفيدا من مراجعته التاريخية للمواجهات مع الجيش الاسرائيلي، مدخلا عناصر جديدة فعالة قادرة على تغيير المعادلات الميدانية في حال احسن استعمالها. وفي هذا المجال يمكن الحديث عن اربعة مبادئ عملية هي : تحسين قدرة الاحتمال والصمود، ضرب الجبهة الداخلية المدنية الاسرائيلية، بناء قدرة على عرقلة التقدم البري للجيش الاسرائيلي، من خلال ابتكار اساليب جديدة في استخدام العبوات الناسفة، على غرار ما يقوم به في سوريا في مواجهة الثوار، الاستفادة من الاسلحة المضادة للدروع وراجمات الصواريخ، وتغيير فكرته التنظيمية، من محاولة إطالة مدة المعركة الى محاولة تقصيرها بقدر المستطاع.

فعليا تؤكد التقارير الاستخباراتية الغربية والاسرائيلية، ان الحزب نجح بعد «حرب تموز» في تعزيز قدراته العسكرية في اطار تلك التوجهات التي كانت تميزه في الحرب وفي أساسها فكرة الاستنزاف، في مقابل بناء الجيش الاسرائيلي لوحدات عسكرية متكيفة ومتلائمة مع الظروف الميدانية القائمة على فهم نوايا حزب الله. لذلك تطمح اسرائيل الى تقصير أمد المعركة والى أن تضرب بصورة سريعة ودقيقة أهدافا كثيرة بقدر المستطاع، مقلصة قدرة العدو على ضرب الجبهة الداخلية. وبحسب المعلومات التي جمعتها اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية، اجرى حزب الله في آب 2012 تمرينا كبيرا بمشاركة نحو من 10 آلاف مقاتل،اشتمل يومها على سيناريو توغل كتائب من القوات الخاصة داخل منطقة الجليل، بعد التغيير الجذري الذي طرأ على العقيدة القتالية للحزب عام 2011 القاضي بتجاوز استراتيجية الاستنزاف. الا ان السؤال الابرز يبقى حول القدرة على تنفيذ ونجاح هكذا خطط واستراتيجيات.

الجواب قد يبدو صعبا للغاية في ظل تضارب التحليلات والمدارس العسكرية، حيث يقدر الكثير من الخبراء العسكريين ان حزب الله يفضل التمسك باستراتيجيته القديمة مع بعض التعديلات الطفيفة، نتيجة للتحولات الجوهرية التي حدثت في محيط بيئته الاستراتيجية، آخذا في الحسبان تحوله الى مؤسسة تشارك بفاعلية في الحياة السياسية الداخلية والخارجية اللبنانية. حقيقة تحمله مسؤولية ما قد يحدث في الدولة في حال هاجمتها إسرائيل.

يترك تغيير حزب الله لاستراتيجيته، انعكاسات جوهرية بالنسبة لإسرائيل، ما يضطر الجيش الإسرائيلي إلى الأخذ بالحسبان احتمال محاولة «العدو» تقصير مدة الحرب بواسطة فرض حقائق على الأرض، دافعا باتجاه تجهيز الجبهة الداخلية، والاستعداد لاحتمال أن يختار حزب الله شن هجوم مفاجئ، ومحاولة إنهاء الحرب قبل أن تبدأ بالفعل. من هنا النشاط الاستخباراتي المتزايد والتدريبات المتواصلة رغم شح موازنة وزارة الدفاع، والتركيز على انشاء وحدات عسكرية جديدة تتلاءم والهيكلية الجديدة للجيش القادرة على مواجهة تحديات السنوات المقبلة.