Site icon IMLebanon

في إيران وسوريا

 

لم تساوم إيران في العراق مختارة بل مضطرة. ولن تفعل ذلك في سوريا مختارة بل ستجد نفسها في لحظة الحصاد امام منتوج معظمه من الزوان، فيما القمح المأمول، راح في الحرائق التي أشعلتها سياساتها!

يحلو لمعظم متتبعي وخبراء الشأن الإيراني التغني بتلك الديبلوماسية المبنية على نظرية حائك السجاد، الطويل النفس والصبور، والقادر على الإمساك بخيوط النسج والحياكة وتوجيهها بدقّة الفنّان.. وقد يكون ذلك صحيحاً وفي محله، سوى ان العالم الواقعي ليس سجّادة! وبحيث ان المتابع لمآل معارك إيران منذ انتهاء الحرب مع العراق، بل في الواقع انطلاقاً من تلك اللحظة وكيفيتها، وصولاً راهناً الى المشروع النووي، يقع على نتيجة لا تتضمن ذرّة افتراء واحدة: السجّاد المنتج لا يُعادل أكلافه، ولا يصلح للعرض والفلش في اي صالة مُعتبرة، ولا أمام الشراة والتجّار والنخب المعنية والمهتمة والمهمومة!

.. من صَنَع وحَاكَ ونسجَ حكم المالكي وحكومته الثانية قبل أربع سنوات، لم يكن سوى الحائك الإيراني الجموح والمتطلب والمستعجل على إنتهاز الفرص التي صنعها غيره! ولم يكن أمر «المساومة» الراهنة ممكناً لو لم يصل أمر العراق الى حدود الاندثار والصوملة! ولو لم ينقطع ذلك الوتر المشدود من طهران الى الضاحية الجنوبية لبيروت بفأس اسمها «داعش»، جاء خشبها من غابة غرفة العمليات الممانعة المشتركة! وصُبَّ حديدها من ركام وحطام سياسات ذلك المحور وحساباته العبثية والموغلة في الذات والمذهب والعِرق!

ولن تختلف مآلات تلك السياسات في سوريا عنها في العراق، ولن يكون جنى الزرع الإيراني مختلفاً في حقل الاسد عن ذلك الذي انتجته حقول المالكي الكالحة والمالحة. ولن يطول الأمر قبل ان يكتشف صاحب القرار الإيراني ان القتال بالغير في أرض الغير أمر فوق قدرته على الاحتمال والانتظار والصبر والاستثمار! وان الفتك بالمسلمات الجامعة واليقينيات المقابلة سلاح ذو حدين. وان استثماره في السلّة المفخوتة لم يراكم خسائره فحسب، بل أوصل «الأمة»، المرتجى مجدها وسؤددها، الى الحضيض وما دون!

.. إحتاج الأمر الى مليون قتيل إيراني وعراقي وخسائر مادية مهولة قبل أن تصل طهران الى قناعةٍ باستحالة انتصارها على صدام حسين! واحتاج الأمر الى مناورات واشتباكات وتوظيفات ومناورات لا حصر لها قبل ان تصل الى قناعة باستحالة «انتصارها» في المشروع النووي! وكلّف أمر الأسد حتى الآن تدمير سوريا بالمعنى الحرفي المباشر وتوليد نكبة انسانية بشرية لا مثيل لها في كتب التاريخ! وإنتاج مناخ فتنوي لا سابق له في عمقه واتساعه وعبثيته، فأي مزيد مطلوب بعد، قبل أن تصل طهران الى قناعةٍ باستحالة تجميع «الانتصارات» في سلّتها المفخوتة سورياً؟! وأن تنتقل بالتالي، الى مرحلة البحث عن تسوية على «الطريقة» العراقية لمأزقها السوري؟!