Site icon IMLebanon

في «النرفزة».. السياسية!

 

واحدة من أبرز مشكلات «حزب الله» هي أنه حزب عسكري مؤدلج بنصٍّ ديني لكنه يشتغل سياسة… أو يحاول ذلك من دون نجاح كبير.

لا يستطيع ولا يعرف كيفية التمييز بين المبدئي والعابر والثابت والمتحوّل والأصل والفرع، بل يبني مواقفه السياسية بطريقة تشبه تماماً تلك الإشارات التي يضعها ضباط العسكر على الخرائط الحربية في غرف العمليات: هذا الموقع «لنا» وذلك «لهم»! ونقطة انتهى النقاش. بل لم يُطرح وليس وارداً أن يُطرح أساساً!

موقفه المقاطع للجلسة النيابية بالأمس مثال وضّاء على تلك الذهنية المدرّعة والمفتوحة على القتال والنزاع: يختلف في مواقف سياسية مع رئيس الجمهورية فيشخصن الخلاف ثم يقاطع مجلس النواب!

رسالة الرئيس العماد ميشال سليمان لم تتعلق به أو بشخصه أو بمواقفه من «إعلان بعبدا» ولا من الانحدار المخزي نحو التورط في الحرب الأسدية الظالمة ضد شعب سوريا… إنما تتعلّق بشيء واحد لا ثاني له ولا ثالث ولا عاشر، هو الحضّ على أن يلعب مجلس النواب دوره كاملاً ويقوم بواجبه في انتخاب رئيس ضمن المهلة الدستورية!

طبعاً القصة عويصة عند «حزب الله». فهو لم يرَ سوى أن الجلسة مخصّصة لتلك الرسالة الآتية من العماد سليمان، غافلاً بذلك عن نقطتين جوهريّتين لا يغفل عنهما إلاّ غرّ مبتدئ في السياسة والشأن الميثاقي اللبناني العام. الأولى هي التطاول على «الحق الدستوري« لرئيس الجمهورية، وتوجيه رسالة استخفاف بالمنصب ذاته وليس بصاحبه فقط! وهنا إذا كان يَعرف معنى ذلك وفعله مصيبة! وإذا كان لا يعرف فالمصيبة أكبر… والثانية هي تأكيده مجدداً أنه لا يقيم وزناً لأي مؤسسة دستورية بما فيها مجلس النواب! وفي ذلك يهين نفسه قبل أن يهين غيره خصوصاً وأنه صاحب كتلة نيابية حرزانة ووازنة.

في الحالتين كان عليه أن «يسأل» أصدقاءه وحلفاءه. في الأولى النائب ميشال عون عن معنى «التطاول» على «منصب» الرئيس وليس فقط الاختلاف السياسي مع صاحب المنصب… والثانية الرئيس نبيه برّي عن معنى الفرق بين مقاطعة جلسة نيابية (سيدة نفسها) ومقاطعة رسالة سياسية!

قبل الآن بقليل، فعل الحزب شيئاً مماثلاً: قاطع طاولة الحوار الوطني لأنه أيضاً اختلف سياسياً مع رئيس الجمهورية، وكأن الحوار في ذاته شأن خاص يقع ضمن الأملاك الحصرية للرئيس سليمان!

لكن الأغرب من ذلك، هو أن الحزب (مثلاً!) لم «يقاطع» جلسات مجلس الوزراء التي عُقدت في قصر بعبدا برئاسة العماد سليمان!… يعني حتى في مقاصده لا يتصرّف باحتراف بقدر ما يتصرّف مثل مراهق نرفوز وعصبي المزاج… ومسلّح!

السياسة في لبنان ليست كذلك. بل لبنان نفسه ليس كذلك!