Site icon IMLebanon

قبل أن يحتلّ الفراغ الرئاسة الأولى

يحتاج السياسيون اللبنانيون الى كثير صلاة، وكثير تعبد، وكثير توبة. وهم، في معظمهم غير صادقين، في ما يذهبون اليه من أسف مما حصل معهم ابان الحرب التي استمرت نحواً من 15 عاماً.

وبعد ربع قرن على وقف الحرب، ما زال اللبنانيون يعشقون جلاديهم، اذ لم تتبدل الوجوه السياسية إلا قليلاً، بل انها أحكمت قبضتها على السلطة لتتحول زعامات اقطاعية بدل تلك التي حاربتها دوماً. وهذا دليل على عدم قدرة اللبنانيين على صنع التغيير، فهم يتحدثون عنه في الصالونات وعبر المنابر والشاشات، لكنهم لا يحولون كلامهم واقعاً في صندوق الانتخاب، او في حياتهم الحزبية، فالاحزاب لم تبدل رئيساً منذ زمن، بل ان الرئيس غير المنتخب إلا بالشكل، يعين نوابه ومسؤولي القطاعات والمناطق، وفق درجة رضاه عليهم، وهذا ينشأ عن انصياعهم الكلي لارادته.

في الواقع، اقنعنا هؤلاء الزعماء بانهم ضمان لاستقرار البلاد وبتنا على يقين بأن لا مهرب منهم، وان اولادهم افضل لمستقبل اولادنا، من اولئك الذين لا نعرف لهم اصلاً ولا فصلاً. وهكذا صرنا جميعاً في الدوامة.

مرد هذا الكلام الى بروز مرشحين قويين لرئاسة الجمهورية هما ميشال عون وسمير جعجع، يطمح كلاهما الى احتلال الموقع المسيحي الاول، وكلاهما خبير في خوض الحروب، وأظن ان كلاهما لن يصل الى مبتغاه.

“الحكيم” نال 48 صوتاً ولا قدرة له ولحلفائه على حشد المزيد له. جلّ ما فعله انه “بيّض” صفحته، وأثبت زعامته، أو لنقل أوليته على الآخرين في مسيحيي 14 آذار وجعل نفسه لاعباً اساسياً في أي صفقة للرئاسة يتم الاعداد لها.

و”الجنرال” الذي لم يرد ان يحرق اوراقه منتظرا مرحلة مقبلة، أحرق أصابعه عندما تراجع عن كلام ردده سابقاً بشأن السعودية والسنة وآل الحريري، وعندما زار سعد الحريري في منزله الباريسي، طالباً شفاعته للوصول الى قصر بعبدا.

يقول سياسي حكيم ان النجاح هو نتاج مسار طويل وليس درس الليلة الاخيرة، والرئاسة نتيجة ثقة وليست وليدة صفقة الساعات الاخيرة، مما يعني ان اشارات حسن النية سواء تجاه “حزب الله” من سمير جعجع، او تجاه السعودية وآل الحريري من ميشال عون، لا تؤخذ على محمل الجد، ولن ينجرف الآخرون الى تأييد خصمهم، ولو بادلوه احياناً بإشارات حسن نية لا ترتقي الى مستوى الانتخاب.

واذا كان عون وجعجع يدركان ذلك تماماً، ويجهدان ليتحولا لاعبين اساسيين في تسمية الرئيس المقبل، مع ادراكهما ان لا حل من دون اتفاق الاقوياء، فإن عليهما ان يبادرا سريعاً للاتفاق على مرشح قبل ان يحتل الفراغ كرسي الرئاسة، وتصير التسويات أصعب، وقد يمضي الحل باتفاق باقي الأطراف من دونهما، فتصير مسؤوليتهما أكبر في إضعاف الواقع المسيحي.