Site icon IMLebanon

قضية «الأخبار»: القاضي يهدّد رئيس مكتب الدفاع

يبدو أن القاضي الإيطالي نيكولا ليتييري، لا يحتمل أي نقاش. الأمر هنا لا يتعلق حصراً بالمراسلات التي جرت بين ليتييري ـــ القاضي الناظر في قضايا التحقير أمام المحكمة الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ــ وبين «الأخبار» خلال الشهر الماضي، ولا بالانفعالات التي رافقت إدارته لجلسة 29 أيار 2014، واستعجاله إطلاق أحكام، شملت ارتكاب خطأ في تبني ترجمة غير دقيقة من قبل موظفي المحكمة لمداخلة رئيس تحرير «الأخبار» الزميل إبراهيم الأمين، علماً بأنه أصدر قبل أيام قراراً إضافياً في القضية ضمنه اعترافه بارتكاب الخطأ.

لكن المكابرة لديه جعلته يلقي باللوم أيضاً على «الأخبار».

الجديد، هو أن ليتييري، يهدد رئيس مكتب الدفاع في المحكمة فرانسوا رو بمعاقبته وفق المادة 60 من قواعد الإجراءات، وبتهمة عرقلة أعمال المحكمة، من خلال ارتكاب أخطاء مهنية، وهي المواد التي تصل عقوبتها إلى الطرد. والسبب أن رو لم يمتثل ـــ بعد ـــ لقرار ليتييري تعيين محام دفاع عن الزميل إبراهيم الأمين، خلافاً لإرادة الأخير. ورغم أن «الأخبار» أبلغت ليتييري أمس، أنها قررت استئناف قرار فرض وكيل على الشركة ورئيس التحرير، فإن القاضي ليتييري توجه إلى رئيس مكتب الدفاع سائلاً إياه عن السبب في عدم تنفيذ قراره تعيين هذا الوكيل. ولما أبلغه مكتب الدفاع بأنه يدعم طلب «الأخبار» والأمين لناحية الاستئناف، فهم ليتييري أن مكتب الدفاع بوده انتظار قرار غرفة الاستئناف، وهو ما أثار غضبه، ودفعه إلى إصدار قرار أمس، يحدد فيه مهلة لرئيس مكتب الدفاع لتنفيذ القرار وترك أمر بتّه لغرفة الاستئناف.

اعتقد القاضيالإيطالي أن ما قاله في المحكمة سينفذ فوراً

تجدر الإشارة هنا إلى أن مكتب الدفاع في المحكمة، مقتنع بأنه لا يجوز فرض محامٍ على أي متهم، ولكنه يقول إنه سيلتزم قواعد المحكمة وأحكامها. لكن مكتب الدفاع يعرف أنه لن يكون هناك من محام «يحترم شرفه المهني» ويقبل بأن يتولى قضية خلافاً لرغبة وإرادة المتهم غير المتواري عن الأنظار، بخلاف ما قرر القاضي ليتييري. وقد أعرب محامون بارزون، بينهم شخصيات من مستويات عالمية رفيعة عن امتعاضهم من قرار ليتييري، ورأوا فيه محاولة للنيل من سمعة مهنة المحاماة.

ماذا عن قرارات أمس؟

يدّعي ليتييري الحرص على «سير وسرعة العدالة»، كما قال في رسالة وجهها إلى رئيس مكتب الدفاع. اعتقد القاضي الإيطالي أن ما قاله في المحكمة سينفذ فوراً لأن «مكتب الدفاع جزء من هذه المحكمة، وأوامري لم تكن مصادفة ولها تأثير فوري»، كما قال في رسالة تحمل الرقم STL-14-06/PT/CJ. لكنه اكتشف بعد مرور أسبوعين على طلبه أن رئيس مكتب الدفاع لم يستجب لطلبه. أغضب «تطنيش» رو طلب القاضي الإيطالي تعيين محام دفاع «للمتهم لأن لذلك أهمية فائقة، وخصوصاً في قضية في مثل هذه الحساسية». وللتأكد من «سير العدالة»، أرسل ليتييري في 10 حزيران الماضي موظفاً للتواصل مع نائب رئيس مكتب الدفاع، وتبين أن المكتب لم يعين «محامي دفاع في انتظار تقديم المتهم طلب استئناف» لقرار القاضي ليتييري. وبعد مرور 24 ساعة، أكد نائب رئيس مكتب الدفاع لليتييري أنهم تبلغوا بأن الأمين «سيودع طلب تصديق استئناف قراركم (تاريخ 5 حزيران 2014) مع طلب وقف التنفيذ، وأن مكتب الدفاع يعتزم دعم هذا الطلب». أثار موقف مكتب الدفاع المؤيد لطلب الأمين قلق ليتييري الذي شدد مجدداً على ضرورة تعيين «محامٍ من دون تأخير». وقد فنّد ليتييري هذه الحجة، معتبراً أن أوامره، «ملزمة وغير مشروطة». وأضاف: «وصلتني رسالة اليوم (أمس) من السيد الأمين يطلب الاستئناف ضد قرار تعيين محام دفاع عنه وطالباً تعليقه». لكن كل هذه الرسائل والطلبات لم تشف غليل القاضي الذي استغرب «فشل مكتب الدفاع في تعيين محام للمتهم، فأوامري لها مفعول فوري»، كما قال. لذلك وبما أنه «لا يحق لرئيس مكتب الدفاع اختيار الأوامر التي يريد تنفيذها، لذلك أمر رئيس مكتب الدفاع كتابة مطالعة وتقديمها في تمام الساعة التاسعة من 16 حزيران الجاري، شارحاً فيها لماذا لم يعيّن محامي دفاع كما أمرت». بالطبع لا يكتفي ليتييري بذلك. فهو يريد من رو الحضور «ليقدم وجهة نظره حول إذا ما كان يعتبر عدم الامتثال لأوامري نوعاً من سوء التصرف». وتتضمن المطالعة الأسباب الآتية: أنه نظراً إلى القرار الشفهي الذي أصدره القاضي الناظر في قضايا التحقير (29 آيار 2014)، الذي يطلب من رئيس مكتب الدفاع تعيين محامي دفاع لتمثيل السيد إبراهيم الأمين، ونظراً إلى القرار المكتوب (5 حزيران 2014) من قبل القاضي الناظر في قضايا التحقير، الذي يتضمن أسباب دعم القرار الشفهي، ونظراً إلى طلب ترخيص استئناف القرار من قبل السيد إبراهيم الأمين (5 حزيران 2014) الذي يمثّل أيضاً شركة أخبار بيروت (12 حزيران 2014)، وفيما يعتزم رئيس مكتب الدفاع دعم الطلب المرفوع من قبل السيد الأمين، عند الحاجة، للأسباب نفسها، وبما أن رئيس مكتب الدفاع يرى أن أي إجراء يؤثر في الحق الأساسي للمتهم في الدفاع عن نفسه، (…)، لهذه الأسباب يدعم رئيس مكتب الدفاع طلب استئناف القرار، بما في ذلك تعليقه (القرار الصادر بتاريخ 5 حزيران عام 2014). كذلك إن رئيس مكتب الدفاع يحتفظ بحق تقديم أي تعليقات أخرى في حال منح القاضي الناظر في قضية التحقير حق طلب اسئئناف القرار.

وكان الأمين قد بعث برسالة إلى ليتييري، أعاد التذكير فيها بما جرى في 29 أيار الماضي. وقال الأمين في رسالته إن نفاذ قرار تعيين محام دفاع «سيؤدي إلى حرمان المتهم حقاً أساسياً هو حق تمثيل نفسه، ما سيؤثر سلباً بشكل حتمي، قبل مباشرة إجراءات الدعوى، على شعور المتهم بتمتعه بضمانات المحاكمة العادلة». وأضاف أن ذلك «سيسبب إشكالات أخلاقية بالنسبة إلى المحامي الذي قد يعين خلافاً لإرادة المتهم، والذي قد يجد نفسه مضطراً إلى معارضة إرادة من يتولى الدفاع عنه». لذلك طلب الأمين «قبول طلب الترخيص باستئناف القرار القاضي بإعطاء الأمر لرئيس مكتب الدفاع بتعيين محام لتمثيل المتهمين سنداً إلى المادة 126 (جيم) من نظام قواعد الإجراءات والإثبات وبوقف تنفيذ القرار».