في أي كهف ينام ديفيد كاميرون منذ ثلاثة اعوام؟
بالتأكيد في الكهف الذي ينام فيه باراك اوباما، والذي يجاور كهف “داعش” الممتد على مساحة مئة الف كيلومتر مربع من الموصل الى حلب تقريباً، والذي أقيم بتغاضٍ او ربما برعاية اميركية غبية، كانت تعتقد ان اشعال الفتنة المذهبية بين المسلمين سيريحها ويفتح لها سوقاً مزدهرة للسلاح والنفط الضروريين لوتيرة الصراع بين المسلمين، ولم تكن لتتصور ان وحش الارهاب يمكن ان يكون عابراً للقارات على ما استفاق عليه المستر كاميرون الآن!
كاميرون كتب مقالاً نشرته “الصنداي تلغراف” بعنوان “كافحوا الايديولوجيات السامة الآن، او واجهوا الارهاب في شوارع بريطانيا”، وفيه انه اذا لم يتم التعامل مع المتطرفين فإنهم سيخلقون دولة ارهابية على شواطئ المتوسط، وان بريطانيا ستضطر الى استخدام القوة العسكرية للمساعدة في هزيمة هذا الخطر الإستثنائي!
هل يعرف كاميرون ان البريطانيين الـ٤٠٠ الذين يقاتلون مع “داعش”، لم يصلوا فجأة الى سوريا ثم الى العراق، وان تعامي بريطانيا والغرب ثلاثة اعوام عن المجازر الدموية في سوريا هو الذي استجلبهم، وقيل ان العواصم الغربية شجعتهم على المجيء الى المصيدة السورية للخلاص منهم، ولم تكن تحسب انهم قنابل موقوتة سترتد اليهم؟ ان كان كاميرون قد عرف فتلك مصيبة، وان لم يكن يعرف فالمصيبة اعظم!
كاميرون يرى ان بريطانيا والغرب في حاجة الى الإستجابة الأمنية الحازمة للأزمة في العراق، مشيراً الى ان مقاتلي “داعش” لن يتم القضاء عليهم بسهولة عبر الضربات الجوية وحدها، بما يعني دعوة واضحة الى تبنّي استراتيجية جورج بوش عن الحروب الاستباقية ضد الإرهابيين، التي حملت اميركا على ضرب “القاعدة” في افغانستان ثم احتلال العراق لتفعيل مشاعر الفتنة السنّية – الشيعية، وهو ما جاء اوباما لنقضه من الأساس؟
المثير ان كاميرون يريد إجراء محادثات عميقة مع ايران والسعودية ومصر وتركيا وقطر للسيطرة على خطر “الدولة الاسلامية”. لكن من المعروف ان “داعش” ولدت من رحم مراهنة اميركا والدول الغربية على زج هذه الدول في الحروب المذهبية، وهو ما وفّر البيئة التي ساعدت على نشوء “داعش” و”النصرة”!
قبل ان يطرح كاميرون القصة على قمة حلف شمال الاطلسي في ايلول المقبل، عليه ان يتساءل اولاً: لماذا تعامت اميركا والغرب عن فظائع “داعش” في سوريا قبل العراق، وثانياً، هل قررت واشنطن شن الغارات دعماً للبشمركة في العراق ام لأن مصالحها الاقتصادية في اربيل باتت مهددة، وثالثاً، لو انها شنت غارة واحدة على النظام السوري هل كانت “داعش” لتستأسد هكذا؟