Site icon IMLebanon

كلام كيري وعاصفة الالتباس حول الحزب بين الخلفيات “الطارئة” والفوارق في الترجمة

تمعنت الاوساط السياسية بعد زيارة وزير الخارجية الاميركي جون كيري لبيروت في مضمون المؤتمر الصحافي الذي اعقب لقائه مع رئيس الحكومة تمام سلام. الزيارة كانت موقع تقدير ايجابي في وقت حرج بالنسبة الى لبنان نتيجة الفراغ الرئاسي والخلافات العاصفة التي قد تطيح عمل الحكومة والمجلس النيابي وفي ضوء ما سمي انتخابات سورية، اذ شكّل لبنان ولا يزال يشكّل احدى ابرز ساحات توجيه الرسائل ضد لبنان والغرب على حد سواء. لم يتوقع احد مبادرة محددة وكيري لم يحمل مبادرة محددة وفق كل المعطيات، بل حمل جديدا معلنا تمثل في المبالغ الجديدة التي رصدتها الادارة الاميركية لمساعدة اللاجئين السوريين والتي تستفيد منها الدول المضيفة لهم ومن بينها لبنان. واوضحت المعلومات ان الزيارة لا تعكس ولم تعكس اي تغيير في السياسة الاميركية تجاه لبنان خارج اطار السعي والرغبة في دعم لبنان والدولة اللبنانية من خلال المحافظة على الاستقرار بحيث تندرج المساعدة للاجئين السوريين من ضمن هذا المسعى. والتمعن في نص موقف كيري ارتبط بنقطتين، احداهما ترجمة عربية ملتبسة لما جاء في مضمون كلامه حول حاجة لبنان الى حكومة بعيدة من التدخل الاجنبي مع رئيس قوي ورئيس للبرلمان يستجيب حاجات الشعب اللبناني، وفق ما جاء في الترجمة العربية والتي اثارت التباسات قدمت توضيحات على اثرها باعتبار ان الترجمة العربية لم تأت بالمعنى الصحيح للعبارة، وفق ما قيل، في حين ان مضمون الكلام هو وجوب ان تلتزم كل المؤسسات احترام ارادة الشعب وليس الدخول في تفاصيل دور رئيس الحكومة او دور رئيس مجلس النواب ولا كذلك بالنسبة الى مَن فهم من كلام كيري حول انتخاب رئيس قوي كأنه تبنٍّ للمعايير التي وضعها المرشحون المسيحيون تحديدا. النقطة الاخرى التي تم التمعن فيها تتصل بما اورده كيري عن ” حزب الله” فسعى كثر الى التثبت ما اذا كانت هذه الاشارة في البيان الذي تلاه كيري جاءت بعد لقائه سلام ام في معرض الاسئلة والاجوبة، نظرا الى انه فيما البيان المكتوب يعبر عن سياسة محددة ومدروسة فان الاجابة عن اسئلة الصحافيين ربما تحمل تحليلا او اشارة لا تعكس وجود سياسة محددة ولو انها ليست بعيدة من تفكير المسؤولين واحيانا قد يكون الموقف تحت وطأة سؤال مفاجىء او رد فعل على سؤال. كما حرص البعض على زيارة الموقع الالكتروني لوزارة الخارجية الاميركية من اجل محاولة التثبت من النسخة الانكليزية الرسمية وما اذا تضمنت الاشارة الى الحزب ام لا، نظرا الى السعي الى استطلاع ما اذا كانت هذه الاشارة تعبر عن سياسة جديدة محددة ام لا.

ثمة جزء من الالتباس تسببت به الترجمة. اذ اورد النص المترجم للمؤتمر الصحافي لكيري على الموقع الالكتروني لرئاسة مجلس الوزراء هذه النقطة مجتزأة وفق الآتي: “امامنا مسؤوليات كبيرة لانهاء هذا الصراع في سوريا حيث ان تداعيات الحرب على شعب سوريا تظهر بوضوح وانا ادعو الدول التي تدعم نظام الاسد ولا سيما روسيا وحزب الله الى العمل معا لوضح حد لهذه الحرب”. فيما ورد في النص الانكليزي الآتي “لذا فان جميعنا، كل الدول، لديها مسؤولية محاولة انهاء هذا الصراع. وانا ادعو في شكل خاص الدول التي تدعم مباشرة النظام السوري، في ما بات عرضا بشعا من الحرب الحديثة من قبل دولة ضد شعبها، ادعو هذه الدول ايران، روسيا وادعو “حزب الله” الذي مقره هنا في لبنان من اجل الانخراط في الجهود المشروعة من اجل انهاء هذه الحرب”. وتبعا لذلك فان الحزب لم يدرج في اطار كونه دولة من جهة، وفق ما اوحت الترجمة. كما ان دعوته في الانخراط في الجهود قد تعني انسحابه من سوريا حيث ساهمت عناصره في انقاذ نظام الاسد. لكن تم التوقف عند المقاربة الايجابية التي تضمنها كلام كيري استنادا الى التوصيف الاميركي المعروف للحزب المدرج على لائحة التنظيمات الارهابية في الولايات المتحدة والتي يقول معنيون ان هذه المقاربة لا تعكس سياسة جديدة محددة او مختلفة، وان كانت رسمت تساؤلات تتصل باعتبارين احدهما خلفية الاتصالات التي تجريها الادارة الاميركية مع ايران في موضوع ملفها النووي وما اذا كانت الاشارة الى “حزب الله” على نحو يحضه على الانخراط في جهود ايجابية تتضمن رسائل محددة الى طهران في هذا الاطار والآخر يفهمه او يدرجه البعض بان هذه المقاربة تستهدف توفير عوامل التهدئة والاستقرار في لبنان وتخفيف الاثقال عنه.

هذه الاشارة لم تكن لتعطى الابعاد التي اعطيت لها لولا بعض المؤشرات اللافتة والتي قد تكون لا تحمل معاني كبيرة لكنها كذلك في سياق الوضع السياسي في لبنان. من بين هذه المؤشرات اهمال كيري اي اشارة الى الثوابت المتصلة بالدعوة الى النأي بالنفس واحترام اعلان بعبدا الذي نعاه الحزب، كما اي اشارة لا الى مبادىء ثورة الارز التي صادفت زيارة كيري ذكرى اغتيال احد اركانها اي الزميل سمير قصير ولا الاجتماع الى قوى 14 آذار او اي من اركانها او حتى الى الوسطيين كما جرت العادة مع غالبية المسؤولين الاميركيين الذين زاروا لبنان في الاعوام ما بعد 2005 ما عدا هدية غير مباشرة الى الحزب جنبا الى جنب مع الدعوة الى الانخراط في جهود ايجابية لانهاء الازمة السورية.