Site icon IMLebanon

كلّ ماروني على كرسيه رئيس

ربما ما زال المسيحيون يعيشون في وهم لبنان الكبير الذين هم أوصياء عليه ولم يقرأوا جيدا النزف الديموغرافي الذي أصابهم والضعف الاقتصادي الذي لحق بمؤسساتهم حتى باتوا هم الطبقة المحرومة، كما لم يقرأوا جيدا التعديل بموازين القوى الذي استفادت منه الطائفة الشيعية بدعم من ايران والطائفة السنية بدعم من السعودية فباتوا وحدهم….

أصبح المسيحيون ايتاماً لا يمكن ان يعتمدوا الا على أنفسهم ولا يمكنهم المكابرة والمطالبة بحصص لا احد مستعد لتقديمها لهم. وعليه بدلا من ان يتعظوا ويوحدوا صفوفهم، ما زالوا يتناحرون ويتجادلون فيما بينهم ويبررون كل هذه الخلافات بانها رمز للديمقراطية، الا ان ذلك لا يدل سوى على انهم لم يتعلموا من التاريخ ومن تجارب الماضي. والحال انه حين خيّر المسيحيون بين مخايل الضاهر رئيسا للجمهورية وبين الفوضى، اختاروا الفوضى آنذاك لان كبرياءهم ونزعتهم الى عدم التحلي بالواقعية جعلاهم يرفضون الضاهر تحت حجة ان لا احد يفرض عليهم رئيسا.

والان نعيش حالات مماثلة لو اختلفت الظروف واختلفت اسماء المرشحين، فالانقسام ما زال موجودا بين الزعماء المسيحيون وما زالت رؤوسهم حامية وما زالوا يضيعون الفرص بدلا من اقتناصها.

للاسف، يميل زعماؤنا المسيحيون الى المزج بين الواقع والخيال ولذلك لا يتوصلون الى الاتفاق على اسم مرشح لا يكون بالضرورة من الصقور بل باشق من بينهم الا انهم يستمرون بمكابرتهم وبعنادهم حتى يفرض عليهم كالعادة رئيس «منتوف الريش» لا يعرف حتى ان يصيح. وعندما يحدث ذلك، يبدأون بالنحيب وبالبكاء على الاطلال وعلى صلاحيات رئيس الجمهورية وعلى حقوقهم المهدورة، فيما الحقيقة انهم يهدرون بايديهم حقوقهم لانه باستطاعتهم ان ينهضوا من الحفرة التي حفروها لانفسهم اذا تعاملوا مع الامور بعقلانية وبواقعية.

وافضل مثال على ذلك هي طريقة الزعيم الدرزي في ادارة الخلافات داخل البيت الدرزي من خلال الحفاظ على زعامة آل ارسلان واستيعاب تمرد الوزير وئام وهاب دون ان يسعى الى إلغائه او الدخول في سجالات إعلامية عقيمة معه. هذا ما يجعل من الزعيم وليد جنبلاط رقما صعبا في المعادلة الدولية يتسابق الجميع على لقائه والأخذ برأيه على الرغم من صغر حجم طائفته.

وقصارى القول ان عدد الدروز قليل جدا في لبنان , بالكاد يشكلون 11% من سكان لبنان الا ان زعيمهم اعطاهم دورا رياديا بفعل دهائه وحكمته وبفعل مرونته في اغلب الاوقات. فهل يتعامل الزعماء المسيحيون ولو لمرة واحدة بواقعية وبمرونة مع الظروف ومع التغييرات التي تعصف بالمنطقة؟ ام يريدون ان يصبح مصير المسيحيين مشابها لمصير مسيحيي مصر والعراق وسوريا؟