على أثر إعلان نظام طاغية دمشق موعد الانتخابات الرئاسية، وصفت أميركا تلك الخطوة بالمحاكاة الـ«هزلية للديمقراطية»، والأمر نفسه صدر عن فرنسا التي وصف وزير خارجيتها بشار الأسد بـ«الطاغية المطلق»، فهل كل هذا يكفي للتعامل مع الأزمة السورية الدموية؟
الإجابة بالطبع: لا، بل إن كل ما يحدث في سوريا «هزلي»، سواء حيل الأسد المكشوفة منذ ثلاث سنوات، أو ما تفعله إيران وحزب الله، والميليشيات الشيعية العراقية بسوريا، والهزل نفسه ينطبق على المواقف الدولية تجاه الأزمة نفسها، ومنها الموقف الأميركي المرتبك، والمتردد. فبينما نرى الجدال الأسدي – الإيراني حول من قام بالدور الأساسي في صمود الأسد، ونرى تفاخر حزب الله بأنهم من صد المعارضة عن إسقاط الأسد، ونسمع كذلك تصريحات نوري المالكي عن وهم من يظنون أن بمقدورهم إسقاط الأسد، وسط كل ذلك نجد أن الإدارة الأميركية مشغولة الآن بنقاش مفتوح حول إمكانية تسليم صواريخ مضادة للطائرات للمعارضة السورية على أن يكون تسليمها من خلال صاروخ لكل عملية، وعلى أن يسلم الصاروخ الآخر بعد تقديم فيديو يثبت كيفية استخدام الصاروخ الذي تم تسليمه!
والمؤكد أنه حال قراءة الأسد هذه المعلومات، فإنه سيستلقي على ظهره ضحكا، فبينما تشير التقارير إلى استخدام الأسد الكيماوي مرة أخرى ضد السوريين، نجد أن واشنطن مشغولة بتفاصيل صغيرة، ومضيعة للوقت والأرواح، مما يمكن الأسد من ارتكاب مزيد من الجرائم، والقيام بمزيد من المواقف الهزلية. وما تفعله واشنطن ينطبق أيضا على باريس، المشغولة بكيفية ملاحقة رعاياها المنخرطين في «الجهاد» بسوريا، بدلا من السعي لإزالة أسباب التطرف وتدافع الشباب للقتال هناك، هذا عدا عن تجاهل الأميركيين والفرنسيين، وغيرهم، أهمية وقف تدفق المتطرفين الشيعة إلى سوريا أيضا وليس التركيز فقط على المنضمين إلى «داعش»، التي لا فرق بينها وبين إرهاب حزب الله. وهذا القصور في فهم الأزمة السورية هو ما أدى إلى مهزلة ظهور الأسد في قرية مسيحية مهنئا إياهم باحتفالاتهم الدينية الحالية ليقول، أي الأسد، للغرب إنه حامي الأقليات، كأنه بات من المسموح به قتل السنة طالما تحمى الأقليات! فإذا لم تكن تلك مهزلة، فماذا يمكن أن نسميها؟!
وعليه، فإن الحقيقة المعلومة لكل من تعامل مع الأسد ومن يسانده، هي أنهم لا يفهمون إلا لغة القوة، فالأسد، ومن خلفه، يعتقدون أن السياسة والتفاوض ما هما إلا كذب وتحايل، مثلهم مثل كل الطغاة، ولذا فإن كل المعالجات التي تتم بحق الأزمة السورية اليوم، ما هي إلا جزء من مشهد «هزلي» متكامل سواء من قبل الأسد، أو المجتمع الدولي. وهذا المشهد «الهزلي» يقول لنا إن الأسد لن ينتصر، لكن الدماء ستسيل أكثر ما دامت واشنطن والمجتمع الدولي غير جادين في وقف إرهاب الأسد وجرائمه.