Site icon IMLebanon

لأن الانتخابات الرئاسية ليست في مصلحته عون يرفض موقف المرجعيات السياسية والدينية

لم يردّ العماد ميشال عون بدعوته إلى إجراء انتخابات نيابية قبل الرئاسية على الرئيس سعد الحريري فقط، إنما ردّ على غالبية الشعب اللبناني وقادته السياسيين والروحيين ولا سيما على سيد بكركي، المطالبين جميعاً بالانتخابات الرئاسية قبل أي شيء آخر. فلماذا فعل ذلك في حين كان في استطاعته ان يطالب بما يطالب به “حزب الله” أي بانتخاب رئيس توافقي ويفتح بموقفه هذا باب البحث عنه.

الواضح أن عون منذ أن كان رئيساً للحكومة في قصر بعبدا كان يبحث عن وسيلة قانونية تبقيه فيه، وقد استشار أكثر من رجل قانون لهذه الغاية، وبلغ به الأمر حدّ حل المجلس رداً على النواب الذين حضروا لقاء الطائف قاطعاً الطريق على انتخاب اي رئيس للجمهورية عندما شعر أن حظوظه باتت ضئيلة…

وعندما عاد من باريس إلى بيروت وتأكد أن قوى 14 آذار لن تكون معه في الانتخابات الرئاسية وقَّع “ورقة تفاهم” مع “حزب الله” بعدما رفض تشكيل لوائح انتخابية مع حلفاء الأمس أي 14 آذار، اعتقاداً منه أن الحزب بقوّة سلاحه يستطيع أن يعطل اجراء انتخابات رئاسية إذا لم يتمكن من إيصاله إلى قصر بعبدا، وهو ما حصل. فأحداث 7 أيار فرضت عقد مؤتمر الدوحة الذي فرض بدوره على الجميع انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية باعتباره توافقياً، وتشكيل حكومة وحدة وطنية على اساس المحاصصة وإجراء انتخابات نيابية على اساس قانون الستين معدّلاً.

وكما استطاع العماد عون بتحالفه مع “حزب الله” تعطيل الانتخابات الرئاسية الماضية أكثر من ستة أشهر، فإنه يكرّر ذلك اليوم واضعاً قوى 14 آذار بين خيارين: إما انتخابه رئيساً للجمهورية لأنه هو الأقوى مسيحياً والأكثر تمثيلاً وهو “الوفاقي”… وإلا فلا انتخابات، وقد سرّبت أوساط قريبة منه اقتراح انتخابه ولو لمدة سنتين فقط… وعندما وجد عون أن حظوظه بالرئاسة ضئيلة مع مجلس النواب الحالي خصوصاً أن “بيضة القبان” فيه هو النائب وليد جنبلاط وكتلته وهو ليس في وارد انتخاب أي مرشح رئاسي من 8 و14 آذار إنما مرشح وسطي ومستقل، طلع باقتراح انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب ظناً منه أنه يفوز بأصوات الشيعة، ثم دعا إلى انتخابات نيابية قبل الرئاسية ظناً منه أيضاً أن مجلس نواب ينبثق من هذه الانتخابات، التي تجرى على أساس قانون جديد شبيه بالمشروع الارثوذكسي، يؤمن أكثرية تنتخبه رئيساً وإلا فليبق الشغور الرئاسي الى أجل غير معروف…

يرى بعض المراقبين في اقتراحات العماد عون أنها ليست مطروحة للقبول بها إنما لاعطاء أسباب موجبة جديدة لتأجيل الانتخابات الرئاسية إلى أن تصبح الدول المعنية ولا سيما إيران جاهزة لتسمية الرئيس أو المساومة عليه… فاستمرار تعطيل جلسات الانتخاب ولا مرشح معلناً لقوى 8 آذار لم يعد مقبولاً شعبياً، وصار لا بدّ من إيجاد أسباب أخرى موجبة تبرّر استمرار تعطيلها مثل انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب أو إجراء انتخابات نيابية ينبثق منها مجلس نواب يكون تمثيله لشتى فئات الشعب تمثيلاً صحيحاً وينتخب رئيس الجمهورية. والتوصل إلى ذلك يحتاج ربما الى وقت طويل بدليل أن عدم الاتفاق على قانون جديد حال دون إجراء الانتخابات النيابية في موعدها وفرض التمديد لمجلس النواب الحالي وقد يفرض التمديد له مرّة ثانية إذا ظل إجراء الانتخابات على أساس قانون الستين مرفوضاً.

والسؤال المطروح هو: هل “حزب الله” هو مع موقف العماد عون، علماً أن الحزب يكرر المطالبة بانتخاب رئيس توافقي ويعتبر ان التوصل الى اتفاق عليه يحتاج إلى وقت فيبقى منصب الرئاسة الأولى عندئذ شاغراً الى أجل غير معروف؟ فإذا كان الحزب مع موقف عون وأعلن ذلك، فإن لبنان يدخل عندئذ خطر الفراغ الشامل الذي لا خروج منه إلا بعقد مؤتمر تأسيسي يعيد النظر في الدستور ولا أحد يعرف متى يتم التوصل إلى اتفاق حوله عندما تنهال اقتراحات التعديل من كل حدب وصوب ومنها تعديلات العماد عون والتعديلات التي اقترحها الرئيس سليمان، ولا أحد يعرف ايضاً ما إذا كانت هذه التعديلات بالتوافق أو بالافتراق… ليكون لكل طائفة لبنانها…

أما إذا كان “حزب الله” لا يؤيد موقف العماد عون ولا هو في مرحلة توزيع أدوار معه لاضاعة الوقت، فإن في استطاعته التفاهم معه على اسم مرشح توافقي واكثر ينافس اسم مرشح أو أكثر لـ14 آذار، أو يكون له موقف مخالف لعون في موضوع الانتخابات الرئاسية كما كان له مثل هذا الموقف عند التمديد لمجلس النواب وعند التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي. وعندما يتم انتخاب رئيس توافقي، فان “حزب الله” المرتاح إليه لا يعود في حاجة إلى غطاء مسيحي يوفره له عون لأن هذا الغطاء يوفره له عندئذ رئيس الجمهورية نفسه بل كل اللبنانيين عندما يلعب الحزب دور منقذ الجمهورية بانتخاب رئيس لها لأن لا نصاب لجلسة الانتخاب إلا بموافقة “حزب الله” وكتلة عون أو بموافقة أحدهما.