Site icon IMLebanon

لا تكابروا… التمديد أرخص الاستحقاقات

ليس صعباً على المراجع الديبلوماسية أن تفهم أنّ أسهل الإستحقاقات الدستورية سيكون التمديد لمجلس النواب فترة إضافية مهما قصرَت أو طالت. فالتمديد في مقدّمة الملفات المطروحة على اللبنانيين، بعدما دخلت البلاد أمس مهلة التسعين يوماً الفاصلة عن نهاية ولاية المجلس ولم تُدعَ الهيئات الناخبة ولم تُشكّل هيئة الإشراف عليها ولم تحجَز الإعتمادات. ما معنى كلّ ذلك؟ وهل هو «إهمال متعمَّد»؟

ليس مقبولاً إطلاقاً أن تستمع الى أحد المعنيين بهذا الإستحقاق وهو يُبرّر تجاهل الحكومة لكلّ هذه الإجراءات من دون أن يرفّ له جفن، أو يُقلّل من أهميتها. فقد سبق للبلاد أن تجاوزت المهل الدستورية التي تتحكّم بالإستحقاق الرئاسي، وهي التي أمضت أحد عشر شهراً بلا حكومة وقد مضت أعوام تُدارُ فيها المؤسسات العامة والهيئات المستقلة بالإنابة او بالتكليف ولم يتغيّر شيء على اللبنانيين.

ويضيف: أنجزت وزارة الداخلية ما عليها من التحضيرات الإنتخابية التي تحوّلت روتينية نتيجة اعتمادها في الدورات السابقة خلال الإنتخابات البلدية والإختيارية أو النيابية. وقانون الستين ما زال قائماً من دون بديل لإجراء الدورة المقبلة للإنتخابات في حال تمَّت الدعوة اليها.

وهو قانون كرَّس آليات إدارية ومالية وتقنية باتت وزارة الداخلية تستنسخها من دورة الى أخرى بساعات قليلة ولم يعُد ذلك إنجازاً. ولوائح الشطب الإنتخابية تنقَّح كلّ عام وهي جاهزة في أيّ وقت، وصناديق الإقتراع محدّدة سلفاً ولم تتغيّر منذ دورات عدّة أعقبَت تعديلات بسيطة في بعض المناطق نتيجة ظروف التهجير والظروف الأمنية التي فرَضت تدابير استثنائية لتسهيل وصول الناخبين الى صناديق الإقتراع بلا عوائق امنية او مادية او نفسية.

وعدا ذلك، هناك من يرى أنّ حجز الإعتمادات المالية يمكن أن يترافق مع صدور مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، وهيئة الإشراف على الانتخابات

النيابية ليست ملزمة، وأنّ مهلة التسعين يوماً التي بدأت أمس الإثنين تتَّسع لكلّ هذه الإجراءات المالية والإدارية والتنظيمية متى تقرّر اللجوء اليها.

فالتوافق السياسي على إجراء العملية الإنتخابية أقوى وأهمّ من كلّ النصوص الدستورية والقانونية التي تتحكّم بمثل هذا الإستحقاق، فكيف إذا كان قرار عدم إجرائها متّخذ في ظلّ الظروف الراهنة لألف سبب وسبب، وأهمّها أنّ هناك مَن هو قادر على تجاوزها، وآخَر يعجز عن إجرائها، فتتساوى النتائج.

عند هذه المعطيات، تتبدّل الآراء وتتقاسمها السيناريوهات التي تقدّم انتخاب رئيس الجمهورية على قيام المجلس النيابي بأيّ عمل آخر ولو كان يتصل بمهمّاته التشريعية. ويقول قائل: كيف يمكن البحث عن موعد لإنتخابات تنهي شرعية الحكومة الحالية وتضع حدّاً لولايتها الدستورية في ظلّ عدم وجود من يتولّى الإستشارات النيابية الملزمة لتكليف من يشكّل حكومة جديدة.

ولذلك فإنّ كلّ الجدل القائم ليس إلّا لإمرار الوقت والتلهّي في ظلّ العجز عن كسر الحلقات التقليدية التي تعيشها البلاد بلا رئيس للجمهورية وسط نقاش في جنس الملائكة حيال أولويّة هذا الإجراء أو ذاك. ولذلك بات على البعض وقف مسلسل الدعوات الى الحفاظ على الديموقراطية واعتبار الشعب اللبناني هو مصدر كلّ السلطات يحتكم إليه في المحطات الدستورية.

وبناءً على ما تقدّم، يدرك الجميع أنّ استحقاق التمديد هو الغالب أيّاً تكن المعارضة في شكلها ومضمونها وحجمها، وهو الأرخص ثمناً من بين الإستحقاقات الأخرى مهما حاولَ البعض استثماره أو استغلاله على قاعدة رفضه من دون أن يكون له قدرة على قيادة البلاد وفق مسار بديل يجعل على الأقلّ من الإنتخابات النيابية استحقاقاً دستورياً لا مفرّ منه، ومن يعش يرَ كيف ستسير الأمور في الأسابيع المقبلة من دون الحاجة إلى المكابرة في هذا الإتجاه أو ذاك. فليس مسموحاً تغيير المعادلات السلبية والتوازنات القائمة الى حين.