Site icon IMLebanon

لا توافق على أيّ مُرشّح

لا توافق على أيّ مُرشّح

والفراغ آتٍ لا جدوى من تكرار رسالة الورقة البيضاء !

الكلّ ينتظر جلسة انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية اليوم، علّ وعسى تحصل معجزة تؤدّي الى عدم خلو كرسي الرئاسة بعد أن يغادر الرئيس ميشال سليمان قصر بعبدا يوم السبت المقبل في 24 أيار الجاري، مع العلم أنّ أي توافق داخلي أو خارجي لم يحصل حتى الآن على اسم أي مرشح معلن أو غير معلن، بحسب ما أكّدت أوساط سياسية بارزة، واشارت الى «إنّ الأولوية في المرحلة الراهنة ليست للبنان، بل ينصبّ الاهتمام أكثر فأكثر على سوريا، ويتجه مجدّداً نحو إسقاط أو إدانة الرئيس بشّار الأسد بالطرق المشروعة، لا سيما بعد أن أعلن ترشّحه للانتخابات الرئاسية التي ستجري في 3 حزيران المقبل».

وليس من مؤشّرات على أنّ النصاب المطلوب لانعقاد الجلسة سوف يتأمّن، على ما ذكرت، إذ ليس من محفّز لذهاب نوّاب «تكتل التغيير والإصلاح» الى انتخاب الرئيس الجديد في ظلّ عدم التوافق على مرشح معيّن. ولا جدوى من وضع «ورقة بيضاء» مرة ثانية لأنّ الرسالة من هذا الأمر قد وصلت في الجلسة الأولى للانتخاب، وليس ما يمكن إضافته في حال تأمّن النصاب اليوم.

أمّا أن يعود الأسد تضيف الاوساط الى ولاية رابعة بانتخاب من قبل الشعب السوري من جهة، وأن يتمّ في لبنان التوافق على رئيس التكتّل النائب العماد ميشال عون كمرشح توافقي من قبل مجلس النوّاب، قادر على قيادة هذه المرحلة الحسّاسة والدقيقة دون سواه ومد جسور الحوار مع جميع الأطراف من جهة ثانية، هما أمران لا «تهضمهما» الدول الغربية لأنّهما يرجّحان كفّة روسيا وإيران في هذين البلدين، من وجهة نظر هذه الدول طبعاً، في حين أنّها تحاول السيطرة من خلال المجموعات المسلّحة التي تدعمها على دول المنطقة ككلّ.

وتشير مصادر ديبلوماسية في هذا السياق الى أنّ الدول الغربية تصبّ جهودها الحثيثة من أجل منع حصول الإنتخابات الرئاسية في سوريا بالطرق السلمية منطلقة من حقوق الشعب السوري، فبعد مطالبة وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري بإحالة النظام السوري الى المحكمة الجنائية الدولية، يُطرح اليوم على التصويت أمام مجلس الأمن الدولي مشروع قرار تقدّمت به فرنسا بهذا الخصوص، يُطالب بمثول النظام أمام المحكمة الجنائية.

لكن مشروع القرار هذا لن يمرّ تقول المصادر، وستستخدم كلّ من روسيا والصين للمرة الرابعة حقّ النقض «الفيتو» ضده لأنّهما تجدان فيه «مشروعاً مسيّساً بشكل متعمّد».. وأوضحت المصادر نفسها أنّ الدول الغربية ترى، من منظار واحد، أنّه على النظام السوري الذي يتعرّض لاعتداءات عليه وعلى شعبه ومرافقه من المجموعات المعارضة المسلّحة، أن يمثل أمام القضاء، في حين لا تجد أنّ المسلّحين والمقاتلين الآتين من الخارج والمدعومين من قبلها لإسقاط النظام بقوة السلاح يقومون بأي جرم يستلزم المحاكمة. ولعلّ هذا أكثر ما يستفزّ روسيا والصين اللتين تدافعان فعلاً عن حقوق الإنسان، وتعملان من أجل وقف جدّي لإطلاق النار بين الأطراف المتنازعة كافة منعاً لإراقة المزيد من الدماء.

وما تسعى اليه فرنسا المدعومة من أميركا وبريطانيا ليس الإدانة بحدّ ذاتها تضيف المصادر ،بقدر ما يهمّها الحصول على تفويض باستخدام القوة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لأنّها لا تزال مقتنعة بأن لا شيء يحلّ الأزمة السورية سوى إزاحة الأسد من منصبه، فيتمّ بالتالي إلغاء أو تأجيل الانتخابات الرئاسية في سوريا التي إذا حصلت من دون أي مشاكل، فسوف تكون هذه الدول مجبرة على الاعتراف بنتائجها، وهي بالطبع تخشى من عودة الأسد الى الحكم مرة جديدة باسم الشعب السوري.

وفي لبنان، تعتبر المصادر ان خلو الرئاسة في ظلّ وجود الحكومة الحالية، لا يُشكّل «أزمة» بالنسبة للدول الغربية، إذ باستطاعة المؤسسات تسيير أمورها وتصريف الأعمال الى حين حصول تطوّر ما على الساحة السياسية، خصوصاً مع تراجع التوافق الأميركي- الروسي، فإذا وافقت الولايات المتحدة والسعودية على انتخاب العماد عون كمرشح توافقي، على روسيا وإيران في المقابل، القبول بتسمية رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، رئيساً للحكومة المقبلة، وإن كان الإعلان عن هذا الأمر قد لا يُعجب البعض. ويبدو أنّ إلغاء اللقاء الذي كان متوقّعاً بين وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف ورئيس تيّار المستقبل رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري في موسكو هو مؤشّر سلبي بالنسبة للتوافق حول الاستحقاق.

وحتى الآن، لا شيء مؤكّد سوى أنّ الرئيس الجديد للبنان لن يُنتخب خلال الأيام القليلة المقبلة إلاّ في حال حصول مفاجأة ربع الساعة الأخير (التي لن تحصل)، وأنّ قصر بعبدا سيُصبح فارغاً بعد مغادرة الرئيس سليمان، وقد يطول هذا الفراغ لأشهر عدّة.