لا رغبة دوليّة «بنسف الطائف» بل تعميم صيغته على سوريا والعراق
الاهتمامات الإقليميّة تمدّد الفراغ
استبدال المالكي ثم الملفّ النووي التكامل بين «الرئيس ودوره» يتوزع على الأمن والاقتصاد والحوار
لا تدل اي معطيات او تطورات داخلية وخارجية، بأن التفاهم السريع منذ ستة اشهر بين القوى السياسية لتسهيل تشكيل حكومة المصلحة الوطنية التي يترأسها الرئيس تمام سلام، بعد اشهر من التجاذب، هو تفاهم قد ينسحب في المدى القريب على الاستحقاق الرئاسي ويؤدي لانتخاب رئيس للبلاد يحمل المواصفات او الامكانيات الضرورية للدور الذي على عاتقه في تلك المرحلة المقبلة، واذا ما كانت تتدافع فيها الاولويات بين ملفات الأمن، الاقتصاد او التحاور… اذ لكل رئيس مقبل تكامل بين مهمته وبين الاستحقاقات التي تفرض بذاتها على الواقع اللبناني.
فالاستحقاق الرئاسي بجانبه الداخلي اضحى واضح المعالم والمسار المرتبط بالحوار القائم بين «تيار المستقبل» وبين «التيار الوطني الحرّ» وهو يقف حالياً امام عدم مباشرة رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون حوار مع القوى المسيحية في 14 آذار على ما تمنى عليه رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري في اللقاء المباشر بينهما، وعلى ما تقول اوساط وزارية في قوى 14 آذار، او من خلال موفديه اليه الوزيرين جبران باسيل والياس ابي صعب، لاقناعهم بتأييده للوصول الى رئاسة الجمهورية وذلك احتراماً لمنطق التحالفات والتحديات المشتركة التي يواجهونها وذلك يؤدي لانتخابه رئيساً وتخرج البلاد من الفراغ…
اما الاستحقاق اللبناني بجانبه الخارجي. فهو لن يشهد خرقاً للجمود المحيط به، اذ ان الملف الرئاسي، لا يندرج في سلم اولويات محاور المواجهة في المنطقة، اذ حاليا تتركز الاهتمامات على ما يحصل في غزة.
ثم ان انهيار نظام رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي دفع بالحدث العراقي على حدّ قول الاوساط الى مصاف الملفات «الممتازة» و«المميزة» حالياً، نظراً للواقع الجغرافي للمناطق التي شهدت التحرك العسكري لـ«داعش» وتحالف العشائر وقدامى البعثيين، في مقابل الاهتمام الايراني لاعتبار هذه التطورات الدراماتيكية تعتبر في معيار «الامن القومي الايراني» وكأنها داخل المنزل وليس حتى في الحديقة الأمامية.
لذلك فان اولوية الملف العراقي في الاهتمام الايراني يقابله اولوية الواقع اليمني لدى السعودية على الخلفية الجغرافية للبلدين وبعيد ارتباك حلف المالكي، دفع بالملف اللبناني الى التراجع في سلم اهتمامات الرياض وطهران حسب الاوساط ذاتها التي تنطلق من مزيج من المعلومات والمعطيات التي تدل بأن ثمة حلا مرتقبا للعراق بعد ان وافقت ايران على استبدال الرئيس المالكي من اجل التوصل الى تفاهم سياسي واستدراك تقسيم العراق الذي قد يصيب دول المنطقة وهو ما تخشاه طهران، عدا ان هذا التقسيم قد ينسحب على سوريا ولبنان وغير دول.
لكن الحل العراقي بعد استبدال المالكي من قبل ايران تتابع الاوساط لن يحول الانظار نحو لبنان ولا نحو سوريا التي تم «تدويل» ملفها ووضعه في الثلاجة اذ بعد التسوية العراقية سيعود الى الواجهة الحوار بالملف النووي بين الغرب وبين ايران ولذلك فإن المطلوب من القوى السياسية ان تحافظ على حالة الانضباط حاليا وتجاوز الخلافات التي بعضها يرتبط بخلفية عمل الحكومة ومجلس النواب، نظرا كما تقول الاوساط للتحديات الامنية التي تواجه لبنان وليس اقلها المثلث المتمثل بالنقاط الثلاث في المفهوم الامني الاول منطقة الحدود اللبنانية – السورية في البقاع الشمالي التي تضم مقاتلين من الجماعات الاسلامية وتتشكل القوى العسكرية والامنية خطا بين امكنة تواجدها وبين الداخل اللبناني والبلدات والقرى حفاظا على امن اهاليها الثانية تكمن في واقع سجن روميه الذي يضم افرادا من هذه الجماعات واما النقطة الثالثة فهي مخيم عين الحلوة، اذ ان التواصل دائم باستمرار بين هذه النقاط الثلاث في موازاة الاستنفار الدائم للاجهزة الامنية للتصدي للشبكات الارهابية والانتحاريين، الذي تدحض اعمالهم الاجرامية مقولة «حزب الله» بأن قتاله في الداخل السوري ادى لمواجهتهم والحد من نشاطهم.
ولا تدرج الاوساط ذاتها استمرار الفراغ الرئاسي حاليا في خانة تحضير «حزب الله» البلاد لمؤتمر تأسيسي من اجل التعديل في النظام السياسي الحالي، اذ ان ايران التي ملأت الدور السوري بعد اندلاع الاحداث في سوريا، ليست جاهزة حاليا للدخول في نقاش حول الملف الرئاسي حتى انجلاء مصير حوارها مع الغرب، ثم ان الطائف من غير الممكن ان تتعدل وهو الامثل للواقع اللبناني ثم ان هذه الصيغة المناسبة التي طوت صفحة من الصراع، هي التي تسعى لاعتمادها الدول المهتمة بإيجاد حلول لكل من العراق وسوريا بعد ان تبين بأنها تشكل مخرجا لازماتهم استنادا الى التجربة اللبنانية.
الا ان استمرار مرحلة الفراغ الرئاسي تنطلي في الوقت ذاته من القوى السياسية ان تستفيد من الظرف الدولي – الاقليمي الداعم كما تشير الاوساط لاستمرار هذه الهدنة القائمة بين سائر المكونات وان لا رغبة لدى اي فريق في عرقلة هذا المناخ وتحمل تداعياته وان كانت بعض هذه القوى في 8 آذار وحصرا «حزب الله» مستفيد من هذه الهدنة مشيرة الاوساط الى ان الرئيس الحريري شجع وفد «تيار المستقبل» الذي التقاه في السعودية على المضي والاستمرار مع كل القوى في كل المواقع والمحاور وعدم التوقف.