5 أيلول 2014
فتح الكلام على استراتيجية لم تكتمل معالمها بعد لدى الادارة الاميركية من أجل مواجهة تنظيم ما يسمى بالدولة الاسلامية في العراق وتالياً في سوريا باعتبار ان لا جدوى من اقتصار دحر داعش في العراق حيث يمكنها ان تلجأ الى سوريا وتعيد رص صفوفها وقواها من أجل الانطلاق مجدداً، الباب أمام احتمال ان يكون النظام السوري شريكا في معركة التحالف الاقليمي والدولي الذي سينشأ لهذا الغرض. طالبت روسيا بذلك علنا كما طالبت دمشق به من منطلق أن ثمة حاجة لشراكة ميدانية على الأرض كما هي الحال بالنسبة الى العراق حيث تمّ دعم الاكراد والبشمركة والجيش العراقي فضلاً عن مواكبة ذلك بالضغط من أجل اقامة حكومة وحدة وطنية ترضي السنة والاكراد جنباً الى جنب مع الشيعة. وروسيا ودمشق سعتا ولا تزالان لأن يكون النظام الشريك المطلوب فغاب عن أدبيات كل منهما الكلام على الحاجة الى قرار دولي في مجلس الامن يتيح توجيه ضربات في سوريا. وكانت الولايات المتحدة تحدثت عن عدم امكان تحركها ضد النظام السوري في وقت سابق من دون غطاء دولي فوقفت روسيا سداً منيعاً ضد اي قرار يتصل بسوريا في مجلس الامن خلال ما يزيد على ثلاثة اعوام من عمر الحرب في سوريا حتى الآن. والشراكة المطلوبة من دمشق وروسيا مع النظام السوري من أجل مواجهة تنظيم داعش تعفي على ما يبدو من ضرورة السعي الى اي قرار دولي حيث لم تأت العاصمتان على اي اشارة لذلك في الوقت الذي كانت موسكو تلوح بمعارضتها هذا الاحتمال في كل مناسبة. الجواب أتى من الولايات المتحدة حيث اعتبر الرئيس الاميركي ان بشار الاسد لا يستطيع تحقيق الاستقرار في منطقة ذات غالبية سنية ولكنه أتى أكثر قوة وزخماً من الدول الاوروبية التي أعلن قادتها رفضهم التعاون مع النظام السوري من أجل مواجهة داعش في الاصرار على اعتبار ان النظام مسؤول عن نشوء داعش وعن استمرار استدراج المقاتلين للانخراط في صفوفها. ما يشي وفق ما تقول مصادر ديبلوماسية في لبنان بأن ثمة محاولة جدية وتفاوضاً من أجل ان يكون النظام السوري جزءاً من التحالف ما يؤدي عملياً الى تعويمه سياسياً وتالياً اعادة مركزية الحل السياسي في سوريا اليه. وهناك من يعتقد بأن نغمة التوظيف السياسي لما جرى ويجري في عرسال منذ أكثر من شهر والتي تصب في رغبة يعبر عنها مسؤولون في قوى 8 آذار من أجل التعاون مع النظام وتالياً اعادة الاعتبار الى شرعيته من البوابة اللبنانية هو احد الابواب التي فتحت من أجل اعطاء دفع لهذا المنحى. وهو امر يخشى الا يتراجع في المدى المنظور.
في المقابل فان توقع الرئيس الاميركي مواجهة طويلة الأمد مع داعش واستغراق الأمر “بعض الوقت قبل ان نتمكن من اجبارهم على التراجع ومن أجل بناء تحالفات على الارض” وفق ما أعلن يعني ان المواجهة راهناً قد لا تتخطى وفق المصادر الديبلوماسية في بيروت أكثر من رسم حدود من أجل عدم تخطيها بعد دفع داعش الى التراجع في العراق لكن من دون احتمال ان تشمل هذه المواجهة سوريا أولاً: لصعوبة اكتمال شروط تحالف اقليمي دولي من أجل المضي قدماً نحو مواجهة التنظيم في سوريا. وثانياً للحاجة الى التثبت من نجاح او اختبار قوة التحالف في العراق وقدرته على تحقيق خرق ملموس في الوضع هناك. وثالثاً الحاجة الى تحصين اي عمل عسكري بحل سياسي لا يبدو متاحاً بعد. وتضيف المصادر ان الأمر يتصل بمدى الخطورة التي يمكن ان تشعر بها ايران في سوريا كما شعرت بها في العراق ما دفعها الى تنازلات سياسية من أجل منع تقسيم العراق وامتداد الحريق الى داخلها. وهو ما لم تشعر به بعد في سوريا وكذلك الأمر بالنسبة الى روسيا من أجل السير قدماً بحل سياسي على غرار العراق من خلال التخلي عن نوري المالكي والضغط من أجل توزيع مقبول للسلطات بين السنة والشيعة والاكراد يساهم في تضييق قاعدة داعش، فيتم التخلي عن بشار الاسد في السياق نفسه. اذ ان التعاون مع الاسد من أجل محاربة تنظيم الدولة الاسلامية لا يعني النجاح في دحره من دون اثمان سياسية ترضي السنة كما هي الحال في العراق. ومن هذه الزاوية ترى المصادر الديبلوماسية صعوبة في الا يتم توظيف مخاطر داعش في سوريا كما في العراق من أجل الدفع لاعطاء السنة حقوقهم في السلطة في الوقت الذي أكدت دول مجلس التعاون الخليجي في الاجتماع الذي عقده وزراء خارجيتها الاسبوع الماضي من أجل الدفع بالمصالحة بين هذه الدول ضرورة اعادة الاعتبار لبيان جنيف 1 في شأن ايجاد حلّ للازمة السورية بالتزامن مع الترحيب بالمنحى الذي اخذته الامور في العراق حتى الآن على الصعيد السياسي. وثمة اثمان كبيرة تترتب على كل الاطراف لا تبدو متوافرة بعد في الحرب السورية فيما لا تملك هذه المصادر سوى ان تلاحظ مدى تغير المشهد السياسي في المنطقة منذ الاعلان عن اتفاق مبدئي بين الدول الغربية مع ايران على ملفها النووي وما اثاره ذلك من مخاوف في المنطقة.