لا شيء حتى الان يوحي بأن موسم قطع الرؤوس يشارف نهايته. لا أثر لخطة مضادة لسياسة حزّ الاعناق. لا ملامح لتحالف يضع حداً لسياسة التطهير العرقي والمذهبي والاتني التي تمارسها “الدولة الاسلامية”. لا قرار نهائياً بعد في شأن ضربها في سوريا، على رغم الاقرار بضرورة ذلك. الامر الوحيد المحسوم حتى الان هو أن “داعش” سيتمدد حتى اشعار آخر.
عندما انتشر الشريط المريع لذبح الصحافي الاميركي جيمس فولي، استنفر العالم وخرج الرئيس الاميركي باراك اوباما متوعداً باستئصال سرطان “داعش”. أوحى بتوسيع محتمل للحملة التي أطلقها ضد التنظيم في العراق باعطائه الاذن بطلعات استطلاعية فوق سوريا.هذا قبل أن يطل معلنا ببساطة أن” ليست لدينا استراتيجية بعد”.
وبعد فولي قطعت رؤوس كثيرة.لكنّ أقصى ما أُثاره فيديو ذبح مقاتل البشمركة في الموصل هو بضع عبارات استنكار. أما منظر الجندي اللبناني علي السيد مضرجا بدمائه، فلم يدفع أحداً الى رثائه لا في الغرب ولا في الشرق، ربما في انتظار نتائج تحاليل “الدي ان اي”!
لم يحدث في الماضي القريب وربما البعيد أن أجمعت دول المنطقة والعالم على أمر باجماعها اليوم على خطر “داعش”. طهران قلقة من التهديد الذي يمثله التنظيم للعراق، حليفها الاستراتيجي. وهي تخشاه أيضاً على مصالحها في سوريا، حتى أن ثمة معلومات عن محاولات ايرانية للتنسيق مع بعض شخصيات المعارضة السورية.
كذلك، تخشى السعودية نمو جيل جديد من الجهاديين يستلهم أفكار “داعش” ويجعل المملكة هدفاً له. وعلى رغم الانقسام في المؤسسة الدينية بين من يعتبر المنتمين الى “داعش” مرتدين (العضو في هيئة كبار العلماء سابقاً الشيخ سعد بن ناصر الشثري)، ومن يدعو الى رد معتدل ، بدعوى أن “الغلو يحتاج الى اعتدال في نقده وتقويمه” (الشيخ عبد العزيز الطريفي)، ثمة اقتناع متزايد بأن هذا التنظيم يمثل خطراً على المملكة، لرفضه السلطات السياسية الحاكمة وشرعيتها الدينية. أما تركيا التي يعتبرها البعض راهنا “خزان” الجهاديين، نظراً الى التسهيلات التي توفرها لحركة الاجانب منهم، فلن تكون بمنأى عن خطر هؤلاء المسلحين عندما يصيرون قادرين على الاستغناء عنها.
وليست موسكو بعيدة من هذه المخاوف، هي التي تذرعت بخطر المد الاسلامي لدعم نظام الاسد. أما الغرب فلم يلزمه وقت طويل ليقتنع بأن تنظيماً لا دين له ولا رب كـ”داعش” يمثل تهديدا حقيقياً لأمنه القومي. ولكن على رغم الاجماع الاستثنائي على هذا الخطر ومع كل الرؤوس التي قطعت وكل الارواح التي أزهقت، لا استراتيجية بعد لاستئصال هذا السرطان، ولا توقعات لنهاية قريبة لموسم قطع الرؤوس.