في مثل هذا اليوم، أعلن ابن باريس هنري جوزيف أوجين غورو قيام لبنان الكبير. 94 سنة مرت عليه، إلا أن حاله تبدو أكثر سوءاً من أي وقت مضى.
سُمّي بـ«الكبير» لأنه أكثر رحابة. فقد أُلصقت أجزاء من الولايات العثمانية بمتصرفية جبل لبنان، منها البقاع العزيز، وطرابلس الشام، وعكار حتى النهر، وبلاد بشارة حتى أصبع الجليل، وبيروت المحروسة، التي باتت العاصمة.
وكان فرانسوا جورج بيكو ومارك سايكس قد مهدا الطريق لغورو قبل سنوات، حيث خاضا مفاوضات انتهت في أيار 1916 أفضت إلى أن يكون لنا علم هو علم الدولة المحتلة، لكن تتوسطه أرزة.
ولعل أبرز نتائج الإعلان تمثلت في التوزيع الطائفي للمناصب الرسمية والمراكز العليا. وأراد الفرنسيون منح فعلتهم صفة «العلمية»، فأجروا بعد اثني عشر عاماً إحصاء للسكان. إلا أن ذلك الإحصاء بقي «مشكوكاً فيه» لدى من لم يرَ من مصلحته الانضمام إلى الكيان الجديد.
رضي من رضي، ورفض من رفض، ومن رضي كانت لديه استثمارات وأموال وآمال، ومن رفض جوبه بالحديد والنار أو «بالتي هي أحسن». وخارج أسوار المصالح، يبدو أن قلة آمنت بهذا الكيان منذ البداية. وقلة أقلّ آمنت بأنه «الوطن النهائي لجميع أبنائه».
ها نحن في مخاض رسم المنطقة من جديد بإرهاب المتوحشين، وغاز البحر، وآلات التدمير المحمولة جواً. «أولي الأمر» جميعهم، مرتبطون بالخارج، لا يقيمون وزناً لحدود رسمها بريطاني وفرنسي، وإن تباكوا على الوطن أمام الملأ.
أمراء حروب صغار، ينتظرون وينظرون إلى مغانم تأتيهم، بعد نحر لبناننا الكبير، قبل مئويته الأولى.