Site icon IMLebanon

لبنان أمام خيارين كلاهما مرّ: إجراء إنتخابات نيابية رغم المحظور الدستوري أو التمديد

إستمرار تعطيل جلسات انتخاب الرئيس يدفع البلد الى مزيد من الانهيار الاقتصادي والاجتماعي

لبنان أمام خيارين كلاهما مرّ: إجراء إنتخابات نيابية رغم المحظور الدستوري أو التمديد

عون يرفض الحوار مع مسيحيي 14 آذار ويراهن على بروز معطيات جديدة تدفعه الى الرئاسة الأولى

التعطيل بات عنوان ملازم للحياة السياسية، فمنذ 25 أيار ورئاسة الجمهورية شاغرة، أي معطّلة ومجمّدة الى أجل غير معلوم، ومجلس النواب معطّل في جلساته التشريعية والانتخابية، فقوى 14 آذار ترى أن مهمة المجلس النيابي وفقاً للدستور (المادة 74) محصورة مهمته بعد شغور موقع رئاسة الجمهورية هي انتخاب رئيس للجمهورية ولا يقوم بأي عمل تشريعي إلا إذا اقتضت الضرورة القصوى.

هذا فيما قوى 8 آذار تعطّل جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، وأمس كانت الجلسة الثامنة على عداد التعطيل.

فقوى 8 آذار تصرّ على عدم النزول للمشاركة في جلسات انتخاب الرئيس إلا في حال التوافق على شخص الرئيس المقبل، ولكن في ذات الوقت ميشال عون وهو المحسوب سياسياً وعملياً على هذه القوى ما زال مصرّاً على ترشحه، رغم أن ترشحه بات موقع خلاف بين الكتل النيابية بل مادة تعطيلية لجلسات انتخاب الرئيس، فلا ميشال عون سحب ترشحه للتوافق على مرشح واحد أو مرشحين يتم التنافس بينهما، ولا قوى 8 آذار مارست أية ضغوط عليه ليسحب ترشحه، وهذا ما دفع قوى 14 آذار لتعلن ليل نهار وبجميع أفراد مكوناتها بأن قوى 8 آذار وتحديداً حزب الله الذي يمسك بقرار هذه القوى وعون ينفّذان خطة لتعطيل جلسات انتخاب الرئيس والتي كان آخرها ظهر أمس.

كما أن ما يساهم بإطالة أمد شغور موقع رئاسة الجمهورية هو رفض قوى 14 آذار التسليم بأن عون هو مرشح توافق، فهذه القوى تتساءل كيف يمكن التسليم بأن عون مرشح توافقي وهوما زال يرفض التكلم مع مكونات الطرف المسيحي في 14 آذار؟؟، وترى هذه القوى أن عون ما زال يراهن على شق وحدة 14 آذار عبر الحصول على تأييد الرئيس سعد الحريري له، وترى أيضاً أن عون برهانه على الحريري يعني انه سينتظر طويلاً لأن الرئيس الحريري الذي يقيم معه حواراً منذ بداية العام الجاري أبلغه بوضوح «أنا لا يوجد عندي فيتو على أحد من المرشحين وانت واحداً منهم، ولكن عليك أن تحصل أولاً على تأييد مسيحيي 14 آذار، وعليك أن تنشئ حواراً معهم!!».

من جهة ثانية، يسعى ميشال عون لطرق كافة الأبواب (باستثناء باب مسيحيي 14 اذار) وسلوك كافة الطرق لعدم تضييع فرصة انتخابه رئيساً، فهو يعتقد أن قوته المسيحية يجب أن تضعه في الموقع الرئاسي، كما يعي جيداً أن سنه لا يسمح له الانتظار لدورة رئاسية أخرى، لذلك يعمل جاهداً لعدم التنازل عن ترشحه، وما قدمه سمير جعجع من اقتراحات لسحب ترشحه وعون او للتنافس بينهما داخل قاعة المجلس ذهبت كلها هباء، فهو من جهة لا يريد بل يرفض ان يعلن سحب ترشحه، كما انه يرفض المنافسة الانتخابية في المجلس وذلك لعدم ثقته بأن جميع مكونات 8 اذار ستمنحه تأييدها، وخاصة الرئيس نبيه برّي، هذا إضافة الى ان العلاقة بينه وبين النائب وليد جنبلاط ليست جيدة ليطمئن لتأييده، فجنبلاط اعلن اكثر من مرّة انه لن يؤيد ميشال عون، سمير جعجع، جان قهوجي ورياض سلامة لرئاسة الجمهورية.

إن مسلسل تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية يعني قتل الوقت، فالمجلس النيابي الحالي الممدد له تنتهي مُـدّة صلاحيته في تشرين الثاني، ووزارة الداخلية عليها أن تدعي الهيئات الناخبة قبل شهرين من اجراء الانتخابات، أي في 20 آب المقبل، والقوى السياسية باستثناء بعض مسيحيي 14 آذار لم تعلن رفضها اجراء الانتخابات النيابية في ظل الشغور في رئاسة الجمهورية، ومع مرور الوقت فان القوى السياسية ستكون امام واقع مرير وصعب، وهي في حال عدم انتخاب رئيس جديد لغاية نهاية تشرين اول ستكون امام خيارين كلاهما مرّ.

الأول: إجراء انتخابات نيابية، وبالتالي إنتاج مجلس نيابي جديد كل التوقعات لا تُشير إلى انه سيكون في مكوناته مختلفاً كثيراً عن مكونات المجلس الحالي، ولكن هذا الحال سيضع البلد كلّه امام مشكلة بل معضلة دستورية كبيرة وخطيرة، تمثل في عدم وجود رئيس جمهورية يجري استشارات نيابية لتكليف رئيس حكومة لتشكيل حكومة جديدة، فدستورياً بعد ظهور نتائج الانتخابات النيابية تعتبر الحكومة الحالية حكومة مستقيلة.

الثاني: التمديد مجدداً للمجلس الحالي الممدد له، وهذا الخيار رغم عيوبه، ورغم ما ينتج من معطيات سلبية على الحياة السياسية الا انه يبقى الخيار الأقل مرارة.

ويذهب البعض للقول انه في حال اجريت الانتخابات النيابية في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية، يعني الرئاسة الأولى معطلة، وحكومة تصريف الأعمال (معطلة) والمجلس النيابي معطّل أيضاً، وفي هذا تعطيل لكافة المؤسسات الدستورية، وانعكاسات ذلك ستكون قاسية على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي، وعلى السمعة الائتمانية للبلد لدى المؤسسات والدول المانحة… أي دفع البلد الى المجهول.. وانهيار للحياة السياسية لم يشهدها البلد سوى في زمن الحرب الأهلية المشؤومة.