Site icon IMLebanon

لبنان ليس صفقة

ليس من المتوقع أن تؤدي مبادرة قوى 14 آذار الرئاسية الى النتيجة التي تطمح اليها هذه القوى، أي انتخاب رئيس توافقي للجمهورية. والسبب ليس كما يعتقد كثيرون بأن “فيتو” العماد ميشال عون هو من عطّلها عندما سارع الى رفضها، أو لأن “حزب الله” الذي يعطل الاستحقاق كرمى لحليفه هو من يرفض ملاقاة 14 آذار في مبادرتها، بل السبب ومن دون مواربة متصل بإيران التي تتمسك بكل أوراقها في المنطقة عموما وفي لبنان خصوصا على طاولة مفاوضاتها مع واشنطن التي تهتم فقط بملف إيران النووي وما سيتقرر في شأنه في حدود تشرين الثاني المقبل. بالطبع تتمتع طهران بالكياسة عندما تسأل عما يمكن أن تساهم به من أجل الافراج عن الرهينة الرئاسية في لبنان. فجوابها هو: فلتطلب واشنطن مني هذه الخدمة كي ألبّيها. لكن واشنطن لن تطلب وطهران لن تقدم “خدمة مجانية” وبالتالي لن يبادر “حزب الله” الى احترام الجهد الذي بذله الرئيس فؤاد السنيورة فينزل الى مجلس النواب كي يتم الاتيان برئيس توافقي في 23 أيلول الجاري الموعد الجديد للجلسة النيابية الرئاسية.

ليست هذه المعطيات من بنات الخيال بل هي من أروقة الذين يواكبون الاستحقاق الرئاسي على أعلى المستويات. لذلك، فإن ما قامت به قوى 14 آذار هو مبادرة في اتجاه الرأي العام اللبناني الذي يريد أن يعلم من هي “أم الصبي” ومن هي التي تريد قتله. وبالطبع أوضحت 14 آذار أنها ستحمي الصبي، أي رئاسة الجمهورية وأهله، اي لبنان.

حكاية “أم الصبي” لا تقتصر فقط على الانتخابات الرئاسية بل تشمل أيضا الجيش وقوى الامن اللذين مرّا ولا يزالان بمحنة عرسال. لم يرق من أراد أن يسلك الجيش وقوى الامن في مشكلة عرسال طريق إنقاذ البلدة ومعها لبنان من شرور فتنة عمياء لا تبقي ولا تذر وذلك بفضل قرار سياسي حكيم لحكومة الرئيس تمام سلام وتحرك عاجل للرئيس سعد الحريري وبُعد نظر لقائد الجيش. فما أن أطلّ الرئيس الحريري بهبة المليار دولار من السعودية والمخصصة لتلبية حاجات الجيش وقوى الامن حتى تحركت آلة فبركة الإشاعات التي تريد إلقاء ظلال من الشك على الهبة وحاملها. وفي هذا الاطار جاءت رواية مزعومة عن أمير سعودي في جرود عرسال. لكن حامل الهبة لم يأبه وهو تحرك في اتجاه موسكو لينفض الغبار عن صفقة أسلحة هي كناية عن طوافات ودبابات وملايين الطلقات كانت نامت في أدراج حكومة الرئيس نجيب ميقاتي طويلا. والمعطيات تفيد أن هذه الصفقة ستبصر النور وسيتسلم الجيش هذا السلاح المهم في مجال مكافحة الارهاب.

وتستمر حكاية “أم الصبي” فصولا وآخرها قضية العسكريين ورجال الأمن المخطوفين. لم يعد خافيا أن رهط “حزب الله” أصابه الذعر من نجاحات الادارة الحالية للملف التي أثمرت حتى الآن عن إطلاق عشرة مخطوفين من دون قيد أو شرط، وكادت تتجه الى ترتيب الظروف المؤاتية لاطلاق المخطوفين الـ28 المتبقين. حاليا تم تجاوز عقبة في الملف لكن لا يبدو انها ستكون الاخيرة.