Site icon IMLebanon

لبنان مُهدَّد بالوقوع في فخّ الفلتان الأمني

على رغم أنّ بيان الخارجية الروسية حيال ما يحصل في لبنان جاء مقتضَباً، إلّا أنّ أوساط الوزارة تؤكّد أنّ أركان الديبلوماسية الروسية ينظرون بقلق عميق الى المواجهات العسكرية بين الجيش والجماعات المسلّحة في عرسال.

تكشف الأوساط أنّ الديبلوماسيين الروس قد حذّروا مراتٍ عدّة نظراءهم الغربيّين خصوصاً الأميركيّين من تفشّي عدوى التطرّف في منطقة الشرق الأوسط، لكنّ الغرب كان يؤكّد دائماً أنّ المتطرّفين لا يلعبون دوراً مهماً في صفوف المعارضة السورية المسلّحة، وأنّ معركتهم ستبقى محصورة في النظام. وتعتبر الاوساط أنّ سيطرة الإرهابيين على مناطق في العراق وإعلان الخلافة الاسلامية كان مؤشّراً واضحاً الى تمدّد ظاهرة التطرّف في المنطقة، لكنّ ازدواجية المعايير المتبعة في السياسة الغربية حالت دون إقناع العواصم الغربية الفاعلة بضرورة العمل المشترك لمواجهة هذه الظاهرة.

وتؤكد الأوساط استناداً إلى معلومات استخبارية أنّ غالبية عناصر «جبهة النصرة» في لبنان قد بايَعت ما يسمى تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام بداية السنة الجارية، وبعد ذلك تسلّل الآلاف من أنصار «داعش» الى لبنان وتحديداً خلال الأشهر الماضية، وأخذوا من المدن والقرى والبلدات الحاضنة لمخيّمات اللاجئين السوريين مأوى لهم، وتشير المعلومات أيضاً إلى أنّ محاولات كثيرة حصلت في الآونة الاخيرة لتعزيز الوجود المسلّح لتلك المجموعات في لبنان في اعتباره الحلقة الأضعف في المنطقة، وذلك بسبب ظلّ الخلافات السياسية والطائفية والمذهبية التي تعصف به، الامر الذي يُسهِّل مهمة الإرهابيين في السيطرة على مناطق محدّدة على غرار ما يحدث في سوريا والعراق.

وترى الأوساط أنّ ما تشهده عرسال ليس بريئاً بل إنّه أمرٌ مدبّر قد ينسحب على مناطق اخرى بهدف توسيع رقعة المواجهة، الأمر الذي يحدّ من إمكان السيطرة على الأوضاع الأمنية في البلاد، وهذا ما بدأ يظهر في مناطق شمال لبنان.

ولا تستبعد الاوساط محاولات تكرار السيناريو العراقي في لبنان بهدف تهجير المسيحيّين من هذا البلد، معتبرةً أنّ خروجهم من لبنان هو بداية لتحويل المنطقة دويلاتٍ متنازِعة في ما بينها، وأنّ هجرَ المسيحيين بلاد الأرز يعني نهايةََ الحضور المسيحي الفاعل في الشرق الأوسط.

وتعتبر الاوساط أنّ لبنان وقع في فخ الفراغ الرئاسي وهو مهدّد بالوقوع في فخ الفلتان الأمني، وذلك بسبب الأحداث الدموية في المنطقة، إضافة الى غياب الدور العربي خصوصاً الدول المؤثرة في الحياة السياسية الداخلية، ما يجعل الحلّ السياسي في الوقت الراهن مستعصياً، وبالتالي فإنّ استمرار الازمة السورية يعني أنّ لبنان سيبقى عرضةً للاهتزازات الأمنية.

ولا تُخفي الاوساط تخوّفها من انفلات الوضع الأمني بشكل واسع مع تكرار تلك الاهتزازات، محذّرةً من أنّ لبنان بات في دائرة التحديات، فهناك تحديات لا تقلّ أهمية عن تنامي نفوذ الحركات الارهابية، وهي الفراغ الدستوري.

وفي هذا المجال تتحمّل القوى السياسية مسؤولية ما قد تؤول اليه الأوضاع مستقبَلاً، إذ لا حلّ إلّا بالعمل على انتخاب رئيس توافقي يحظى بثقة الأطراف كافة ليكون حلقة وصل ويساهم في اطلاق الحوار.

وتؤكد أنّ موسكو تدعم الحوار بين اللبنانيين سبيلاً وحيداً لتحييد بلدهم عن نزاعات المنطقة، ويجب أن ينطلق الحوار وفق مبدأ الحرص على وحدة البلد والحفاظ على أمنه، الامر الذي يتطلب وقوف مختلف القوى السياسية خلف الجيش والقوى الأمنية في مواجهة خطر الارهاب الذي يهدّد الكيان اللبناني.