ما هو موقع لبنان في مجال التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب الذي يأتي من التنظيمات المتطرّفة لا سيما «داعش»، وهل من مخاطر لا تزال تطاوله من جراء رغبة «داعش» التمدّد إلى لبنان؟
تقول مصادر ديبلوماسية بارزة إنّ لبنان يشارك عملياً في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، بالتدابير التي تتخذها الحكومة والجيش اللبناني في هذا المجال على الأراضي اللبنانية، وقد حقّقت هذه الجهود تقدّماً كبيراً. إنّما لبنان يمكنه القيام أكثر بشكل أوضح إذا قام جهد مشترك دولي اقليمي لمكافحة الإرهاب. إنّها المرّة الأولى التي تعلن فيها خلافة الدولة الإسلامية وهذا المفهوم الذي عاد بالوضع إلى الوراء عقوداً من الزمن. فأين حدود هذه الدولة، وهل يتفق جميع المسلمين على الخلافة وعلى الممارسات التي تقوم بها؟ طبعاً لا. إنّ تنظيم «داعش» يمثّل الوجه الآخر لـ»القاعدة» و»طالبان». وقد أثّر بروز «داعش» في انهيار الحدود التقليدية بين الدول. إنّ أوّل مكافحة ديبلوماسية للتنظيم كانت في القرار 2170 الذي يهدف إلى القضاء على مصادر تمويله وإلى ضبط الحدود. وهذا يعني كل الدول ومن بينها الحدود اللبنانية. تماماً كما القراران 2076 و1373 اللذان صدرا اثر تفجيرات 11 أيلول 2001 في نيويورك وواشنطن، واللذان هدفا إلى مكافحة إرهاب «القاعدة».
حتى الآن، الرئيس الأميركي باراك أوباما ومعه الأوروبيون يقفون مع ضربات جوّية لتنظيم «داعش» لكن من غير الواضح كيف ستكون خطواتهم اللاحقة أو الأخرى. هناك علامات استفهام حول ما إذا كانوا سينشرون جنودهم على الأرض في العراق وفق مفهوم الحرب التقليدية، وإذا كان ذلك ممكناً، فمَن هي الدول التي سترسل جنودها، ولمحاربة مَن؟ ومَن هو العدو وأين هي مواقعه؟ كل الاحتمالات واردة، لكن إذا ما أخذت بالاعتبار التجربة في افغانستان عندما تمّ إرسال قوّات مشتركة، فإنّ النتيجة لم تكن ناجحة مئة في المئة.
هناك تعدّدية محتملة في الأساليب منها ما يحصل من تسليح للبشمركة في العراق، بالإضافة إلى ضبط الإمدادات ورفع الغطاء السياسي عن هذا التنظيم. إنّها عملية إعادة إحياء محاربة الإرهاب، لكن المستهدف هو «داعش» وغيره من التنظيمات الإرهابية.
وتشير المصادر إلى أنّ لبنان هو ضدّ الإرهاب ويعمل لمكافحته بشكل منفرد، إنّما مع كل ما وصل حتى الآن من سلاح فلا يزال ينقص السلاح الكافي من أجل مكافحة الإرهاب بطريقة فاعلة، وإذا كانت الدول المعنية تعتبره شريكاً في مكافحة الإرهاب فيجب أن تمدّه بالسلاح الفاعل، تماماً كما حظي الأكراد مثلاً في العراق بالسلاح الصاروخي والمدفعي الذي يوفّر ضربات مستمرة للإرهابيين، وما توافر من سلاح حتى الآن لا يكفي، ومنه ما كان من غير المطلوب، والبقية سلاح خفيف وليس نوعياً. وأي طرف دولي يريد من لبنان المساعدة والمشاركة في العملية عليه إرسال السلاح الذي يقوم بهذه المهمة. والجهد لهذه الغاية يفترض أن يكون جماعياً وليس فردياً.
ولفتت المصادر إلى أهمية القرار العربي حول مكافحة «داعش» واعتبرته محاولة للتنسيق مع الغرب في هذا المجال، ومن هذه البوابة يمكن للبنان أن يكون معنياً مباشرة بالمسألة.
لبنان أساساً رأس حربة في محاربة الإرهاب، وبغضّ النظر عن التسمية كان تحرك لبنان في هذا الاطار يمثّل جزءاً من الحرب على الإرهاب، وهذا بدأ منذ مطلع التسعينات وليس الآن. أي منذ العامين 1998 و1999 مع محاربة الإرهاب في الضنية، حيث كان يقاتل شبكات صغيرة، ومن ثم حرب مخيم «نهر البارد»، وصولاً إلى عرسال.
لبنان جزء من هذه المكافحة والدول هي التي انضمت الآن إليه، لأنه كان من أوائل الدول التي حاربت الإرهاب التكفيري على شكل «داعش» و»القاعدة»، ولبنان ملتزم القرارات الدولية ضدّ «القاعدة» و»داعش» لا سيما القرار 2170 الذي يدعو إلى ضبط الحدود، ووقف التمويل. في حين أنّ واشنطن والغرب بدآ بمحاربة الإرهاب بعد هجوم 11 أيلول 2001.
في الآونة الأخيرة برزت مشكلة ذات صلة بتحريك جبهة الجولان بين «النصرة» وجيش النظام السوري. ونظراً إلى قُرب الجولان من حاصبيا وراشيا، هناك قلق كبير على البقاع الغربي من إمكان حصول تحرّكات بين البقاعَين الشمالي والغربي متأثرة بهذا الجو.
ولو حصل فعلياً مطلب نشر «اليونيفيل» على الحدود مع سوريا، لكان خفّف عن الجيش اللبناني في مسألة توفير الأمن على الحدود لا سيما وأنّ طول الحدود مع سوريا يبلغ نحو 370 كيلومتراً. المساعدات التي وصلت للجيش تشكّل دعماً له، لكن يرتقب أن تستكمل عبر الهبة السعودية بثلاثة مليارات، لكن يبدو أنّ الاسرع وتيرة هو تفعيل هبة المليار دولار السعودية الأخيرة. إنّما في مكافحة واستباق أي نوع من أنواع الإرهاب هناك تنسيق مخابراتي لبناني غربي من حيث المعلومات الدقيقة عن تلك المجموعات التي تشكّل خطراً على السلم الوطني.