Site icon IMLebanon

لبنان يعبر قطوع غزة بشقّ النفس الفشل الدولي رسالة حيال عقم الانتظار

على رغم ان مأساة غزة لا تزال مستمرة مع مضي اسرائيل في اعتداءاتها التي تطاول المدنيين الفلسطينيين في شكل خاص، تعرب مصادر رسمية عن اعتقادها ان لبنان عبر القطوع الذي تمثله غزة بالنسبة اليه من خلال الاحتمالات التي كان يمكن ان تفتح عليه ابوابا امنية اخرى. فالازمة بعد دخولها اسبوعها الرابع باتت في مكان آخر تبحث عن حل بين هدنة انسانية واخرى في ظل خلافات عربية واقليمية متداخلة ومعقدة فيما تجاوز لبنان ازمة كان يمكن ان يمثلها اطلاق الصواريخ من الجنوب والتي تمت متابعتها واتخذت اجراءات للحؤول دونها. ولا تستهين المصادر الرسمية بالمخاطر التي كان سيرتبها هذا الواقع نتيجة عدم امكان تصور ان تلتهب في غزة نتيجة الحرب الاسرائيلية على الفلسطينيين فيما الاوضاع ملتهبة في كل من سوريا والعراق، وإن بالحرب الاهلية الداخلية في كل منهما، وينجح لبنان في البقاء في منأى عن اللهيب من هنا او من هناك. فعلى الاقل كانت الحرب على غزة ستشعل حربا سياسية واعلامية داخلية على وقع الخلافات بين الدول الاقليمية على توصيف الحرب على غزة وطبيعتها وسعي افرقاء الى توظيفها من اجل خدمة روزنامتهم الاقليمية لولا انشغالات لهم في مناطق اخرى، ما وفر ايضا حصول تصعيد سياسي يبدو لبنان في غنى عنه راهنا. كما ان الوضع كان سيكون مربكا اكثر للجيش اللبناني الذي يضطر الى ابعاد الكثير من عناصره من الجنوب في اتجاه الحدود الشرقية او مناطق حدودية اخرى. ما شجع ويشجع المسؤولين وفق ما تقول المصادر الى اعتبار ان الوضع في لبنان يبقى نسبيا وقياسا على ما يجري في دول الجوار افضل بكثير مما هو متوقع ان يكون عليه حتى الان. ولعل الاطمئنان الى الوضع الامني النسبي هو السبب المباشر لممارسة مسؤولين سياسيين الترف السياسي في تعطيل عمل المؤسسات الدستورية نظرا الى ان اشتداد المخاطر الامنية قبيل تأليف الحكومة هو ما دفع في اتجاه فك اسر التعقيدات التي كانت محيطة بها. في حين تقول المصادر المعنية ان تمرير قطوع بعد آخر لا يعني ان لبنان يملك ضمانات بان يبقى في منأى عما يحصل في محيطه. ثم ان الفشل الدولي في القدرة على ايجاد مقاربات تهدئة كما هي الحال بالنسبة الى غزة تؤكد ويجب ان تؤكد مرة جديدة للمسؤولين اللبنانيين ان ثمة عجزا دوليا عن تقديم مقاربات جديدة في ظل اوضاع معقدة وخطيرة. اذ ان المشهد في مؤتمر باريس الاسبوع الماضي من اجل بحث وقف النار ومناقشة اتفاق هدنة كان معبرا وفق ما تقول هذه المصادر عن انقسامات واقعية قائمة بين الدول العربية وبينها وبين دول اقليمية ما يجعل من اكتمال الحوار امرا صعبا. فلم يحضره سوى قطر وتركيا كممثلين عن حركة حماس الى جانب الولايات المتحدة وفرنسا ودول اوروبية فيما غابت كل الاطراف الاخرى المؤثرة المعنية ما عد فشلا ذريعا للديبلوماسية الاميركية. ومع ان فشل الديبلوماسية الاميركية هو موضوع آخر مختلف، الا ان دلالات هذا المشهد قوية لجهة انعكاساتها على الازمات الاخرى بما فيها الازمة في لبنان التي تعتبر اقل تعقيدا وخطورة مما هي عليه الاوضاع في دول الجوار. الامر الذي يفترض ان يعني ان انتظار المسؤولين اللبنانيين لحلول خارجية اقليمية في الدرجة الاولى في المدى المنظور تفرج في شكل اساسي عن استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية سيطول: اولا لأن لا مبادرات ولا قدرة لدى الدول التي تهتم على التأثير نتيجة العوامل المعقدة القائمة وثانيا انه يرجح الا تتحرك ما لم يكن لدعم مبادرة من اللبنانيين انفسهم. وكما كان تأليف الحكومة سببا مباشرا من اجل ملء الشغور الرئاسي وتوقع عدم انتخاب رئيس جديد، فإن التمديد لمجلس النواب مجددا تعبير مباشر آخر عن حال انتظار طويلة. وهو مغزى ما يكرره رئيس الحكومة تمام سلام عبر القول ان لا احد معني بدعوة اللبنانيين الى طائف ثان او الى دوحة ثانية ما يضع الكرة لدى اللبنانيين مع ضرورة الاستفادة من المظلة الامنية المؤمنة نسبيا من اجل تحصين البلد اكثر على الصعيد الامني.

ذلك انه، وعلى رغم نجاح الخطة الامنية التي اعتمدتها الحكومة الى حد لا بأس به، فإن ثلاثة ابواب على الاقل مفتوحة راهنا على احتمالات خطرة وفقا لهذه المصادر. اولها ما يجري على الحدود الشرقية مع لبنان حيث يخشى ان تكون الحرب الجارية في القلمون وامتدادا الى جرود عرسال مهددة بالتمدد الى الداخل اللبناني تحت عناوين مختلفة لكنها لا تلغي الشق المذهبي في ما يجري، الامر الذي يخشى الا يبقي النزاعات الجارية ضمن حدودها الحالية. ثانيا يتصل بالمناوشات التي تطل برأسها في طرابلس بما يهدد باعادة الامور الى ما كانت عليه على رغم الجهود المبذولة لابقاء الوضع هادئا والتزام ما تم التعهد به من ضمن الخطة الامنية. ثالثا استمرار عمليات الخطف التي لم تنجح الاجهزة الامنية ومن دون سبب واضح في وضع حد لها حتى الآن او من كشف القائمين بها على رغم نجاح هذه الاجهزة بوضع حد لخلايا ارهابية عدة، ما يهدد ببقاء هذه الثغرة الامنية عاملا من عوامل اضعاف الثقة بالوضع الامني واستمراره مضبوطا تحت سقف معين.