Site icon IMLebanon

«لبننة» الاستحقاق؟

 

 

لا تختلف الانتخابات الرئاسية اللبنانية هذه المرّة عمّا كانت عليه في المرّات السابقة، خصوصاً التي رافقت وتلت اندلاع الحرب في العام 1975.

خرجت من أيدي اللبنانيين ولم تعد بعد! مع أنّ النسبية في ذلك الحكم واجبة بالضرورة: صحيح أنه لا الخارج كان يفرض «تماماً» اسم الرئيس العتيد ولا الداخل كان مغيّباً «تماماً» عن ذلك الخيار، وانّ النتيجة الأخيرة كانت توليفة مشتركة، لكن ذلك كان في الظاهر فقط. الحقيقة كانت ولا تزال أنّ الداخل ينفّذ في آخر المطاف، ما يتقرّر بمعزل عنه.. وبل غصباً عنه في أكثر من مناسبة.

وشاطر في البلف (أو في المحاولة) مَن يدّعي غير ذلك ويشطح في ادّعائه: لبننة الاستحقاق الرئاسي جملة تزويرية واضحة. بعضهم يطرحها من باب الوطنية الصافية والتمنيات النبيلات. وبعضهم يطرحها من باب ادّعاء أدوار تقريرية أكبر من حقيقتها.. وآخرون يطرحونها لأنّ موجبات المسرح تستدعي تمثيل ذلك الدور الصوتي!

لكن هذه الخلاصة الكئيبة تبدو للمرّة الأولى حمّالة أوجه، وقابلة لبعض المجادلة والمحاججة، علماً أنّ ذلك بجملته وارد لأنّ الخارج غاب ويغيب عن الحضور المباشر للمرّة الثانية في السنوات الماضية.. المرّة الأولى كانت مع العماد ميشال سليمان الذي يُعتبر أول رئيس يُنتخب بعد رحيل الوصاية السورية وجيشها عن لبنان، وبعد 6 سنوات على انسحاب الإسرائيليين من الجنوب قبلهم.

المحاججة الممكنة مع المعادلة النافية لمُعطى «لبننة» الاستحقاق الرئاسي تدور حول ذلك النفي ولا تلغيه. بمعنى أنّها تبدو ممكنة اليوم زيادة نسبة الداخل في كفّة ميزان الاختيار على كفّة الخارج. وذلك يستوجب تغليب الأمل على الواقع واستدعاء الرجاء إلى الخيارات السياسية المحلية لكل المعنيين وخصوصاً للمسيحيين منهم.. ثمّ الافتراض أنّ زمن المعجزات لم يضمحل نهائياً: الاتفاق أو التوافق على اسم مرشّح واحد تحت سقف بكركي سيعني الشيء الكثير من «اللبننة» العزيزة! وسيكون صعباً، بل شبه مستحيل، على أي طرف آخر، في الداخل والخارج، رفض ذلك الاختيار أو الوقوف ضدّه أو محاربته بالتي هي أحسن.. أي بكل طريقة طبيعية وتلقائية ومألوفة، وليس بالإجرام والترهيب!

لا يحتاج الأمر إلى شجاعة استثنائية بل إلى شيء من المنطق، وأشياء كثيرة من الفضائل. وأوّل المنطق اختيار اسم يعني تسوية.. وأكبر الفضائل أن يقتنع أصحاب الأسماء الرنّانة أنّ «إصلاحهم» أكبر من قدرة اللبنانيين على التحمّلّ! ومن قدرة الخارج، المتمايز والمختلف والمتصارع، على توليف سياساته وتكييف مصالحه وفقاً لذلك المنطق الإصلاحي الحاسم!

الأمر صعب لكنّه ليس مستحيلاً، وفي ضوئه يمكن أن تتحوّل «اللبننة» من مزحة إلى مُعطى جدّي.. جداً كثيراً.