الانظار اللبنانية اتجهت امس الى باريس. الحدث هناك، والشائعات هنا. أخبار كثيرة سرت عن اللقاءات الباريسية، وتفاصيل نشرت قبل ارفضاض اللقاء الذي جمع الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع. حركة مكوكية بين العواصم لا توحي حتى الساعة باتفاق يمكن ان يبدل معطيات الفراغ الداهم لقصر بعبدا والجمهورية ابتداء من السبت المقبل عندما يغادر الرئيس ميشال سليمان وعائلته المقر الرئاسي اثر احتفال وداعي يوجه خلاله رسالة رئاسية اخيرة الى اللبنانيين.
في العاصمة الفرنسية مساع جدية فرنسية – سعودية – لبنانية. من جهة اولى عقد لقاء الحريري – جعجع في حضور الرئيس فؤاد السنيورة، بعد لقاء جمع جعجع ووزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل الموجود في باريس. وقد استقبل الاخير ايضا امس النائب وليد جنبلاط والوزير وائل ابو فاعور، بعدما كان التقى الرئيس السنيورة، وهو يعود اليوم الى المملكة التي تستقبل الرئيس تمام سلام في زيارة أولى له منذ تسلمه مهماته.
وباريس التي تتولى في هذه المرحلة ادارة الملف الرئاسي اللبناني بالتعاون دوليا مع الديبلوماسية الاميركية، واقليميا مع الديبلوماسيتين السعودية والايرانية، باشرت على نحو اكثر جدية اتصالات واسعة لتسهيل إنضاج هذا الاستحقاق، من دون الدخول في اسماء المرشحين. وبرزت دعوة باريس الى “مرشح وفاق اجماعي”، وفيها رسالة الى الزعماء اللبنانيين للاتفاق على مرشح مقبول لدى جميع الافرقاء الداخليين، وهي بمعنى آخر دعوة الى اخراج مرشحي “الصف الاول” من قطار السباق الرئاسي ليحل محلهم مرشحون من “الصف الثاني” بينهم المرشح الذي يمكنه الحصول على هذا التوافق الاجماعي المطلوب.
الحريري – جعجع
من جهة أخرى، أفاد مراسل “النهار” في باريس سمير تويني نقلا عن مصادر جعجع انه تخلل لقاءه مع الحريري امس في حضور السنيورة وضع خريطة طريق للانتخابات الرئاسية وسبل السير بهذا الاستحقاق. وتم الاتفاق على الاستمرار في المعركة الانتخابية لتجنب الوصول الى الفراغ في سدة الرئاسة الاولى.
وعلمت “النهار” أن المجتمعين اتفقوا على حض الكتل والنواب على المشاركة في جلسات الإنتخاب وتأكيد وحدة قوى 14 آذار و”قضية شهدائها”، والاستمرار في التصويت لمرشح هذه القوى الدكتور جعجع، مع الانفتاح على أي تسوية تُترجم تأييداً لمرشح آخر يتمتع بحظوظ أفضل، ويتناسب مع البرنامج الذي أطلقه جعجع، ووفقاً لما أعلنه سابقاً في بكركي، على أن تبقى الخطوات التكتيكية المتعلقة بالعملية الانتخابية سرية.
كما علمت “النهار” من مصادر أخرى أن الرئيس السابق للوزراء ورئيس حزب “القوات” اتفقا على الأسماء التي “لا يريدانها” من أسماء المرشحين. وقالت المصادر إن جعجع الذي التقى سابقا الأمير سعود الفيصل في باريس “يتمتع بحق الفيتو”. وسيعقد اليوم اجتماعات مع مسؤولين فرنسيين وأميركيين في العاصمة الفرنسية، بينما ينتقل الحريري إلى السعودية.
كذلك نقل مراسل “النهار” عن مصادر متابعة في العاصمة الفرنسية انه في ضوء اللقاءات التي تعقد هناك من الممكن ان يعقد لقاء آخر للحريري وجعجع. وأفادت ان وزير الخارجية السعودي أجرى اتصالات مع شخصيات لبنانية للبحث في آخر التطورات المتعلقة بلبنان، وهو سيغادر فرنسا اليوم عائدا الى المملكة. وفي اتصال لـ”النهار” بالوزير ابو فاعور أوضح ان زيارة جنبلاط لفرنسا هي زيارة خاصة.
وفي تقويم شامل لهذه التحركات قالت المصادر نفسها ان لا تقدم قد أحرز حتى الآن في شأن الانتخابات الرئاسية.
وفي بيروت سئل سفير دولة كبرى عن حركة الاتصالات هذه، فأجاب: “رفعنا ايدينا”، في اشارة الى تعذر توافر الحلول حتى الساعة.
بري
وفي بيروت، ردد رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زواره امس انه اذا لمس معطيات ايجابية من اللقاءات الباريسية “سأدعو الى جلسة لانتخاب رئيس قبل الجلسة المقررة الخميس المقبل، واذا لم ننجح في انتخاب رئيس في الجلسة المقررة، وتلقيت اتصالات مشجعة في هذا الشأن، لا مانع لدي من تكثيف الجلسات قبل انتهاء المهلة الدستورية”.
مجلس النواب
الى ذلك، علمت “النهار” انه في ظل اصرار البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وعدم رغبة نواب “التغيير والاصلاح” في الظهور مظهر المعطل للاستحقاق، فان الاتجاه يمكن ان يذهب الى حضور النواب وتصويتهم للنائب ميشال عون، في مقابل التصويت لجعجع.. وافادت أوساط نيابية مطلعة ان من شأن توفير نصاب الجلسات والذهاب الى الاقتراع ومن ثم القبول بتوالي الدورات أن يخرج الاستحقاق من دائرة الترشيحات المعلنة وغير المعلنة حاليا الى دائرة مرشحين جدد بينهم أسماء قد تشكل مفاجأة عند اعلانها.
وتحدثت اوساط وزارية عن محاولة لايجاد رئيس تسوية غير مرشح 14 آذار سمير جعجع والعماد ميشال عون الذي لن يحظى بتأييد “المستقبل” كما يروّج انصاره. لكن الاسماء المطروحة في اطار التسوية تحتاج الى تعديل دستوري مما يشكل عقبة جديدة. ولفتت الى انه حتى لو تمت الموافقة على مرشح تسوية فان انتخابه لن يحصل قبل 25 أيار.
بريح
على صعيد آخر، كانت بلدة بريح الشوفية المحطة الابرز السبت، اذ عاد اليها اهلها المسيحيون بعد 32 سنة من التهجير، وكان احتفال كبير رعاه رئيس الجمهورية وحضره البطريرك الماروني ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وحشد كبير.
والى بريح، كانت محطة تكريم للرئيس سليمان في قصر المختارة، قبل ان يعرج على قصر بيت الدين، ويزور دير القمر.