لقاء الحريري – باسيل في باريس اليوم
العسيري في بيروت خلال أيام .. و8 آذار تحجب النصاب عن الجلسة غداً
ما الرابط بين حشد 8 آذار لدعم التحركات المطلبية، سواء السائقين العموميين الذين عادوا الى الشارع امس، او هيئة التنسيق النقابية التي استنفرت قواعد المعلمين والموظفين، بالتنسيق مع المكاتب التربوية، للاحزاب والتيارات المنخرطة في التحرك، لتنفيذ اضراب واسع اليوم، يليه اضراب آخر غداً للاتحاد العمالي العام، واحجام هذه القوى نفسها عن حشد النواب عن تأمين النصاب للجلسة النيابية الثانية المخصصة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية؟
واذا كان هناك اقتناع بأن كل ما يحيط بجلسة انتخاب الرئيس غداً بات اشبه بمسرحية اعدت باتقان لتمرير الوقت ورفع العتب وتبرئة الذمة، فإن الضغط في الشارع ينطوي على اسئلة بلا اجابة، في وقت اقتربت فيه اللجنة النيابية الفرعية من انجاز اعادة دراسة سلسلة الرتب والرواتب وايداعها الامانة العامة لمجلس النواب قبل نهاية الاسبوع، او يوم الجمعة المقبل، بعد وضع اللمسات الاخيرة على الارقام والتحقق من امكانية جبايتها.
واستطراداً، ما الرسالة التي يبغي فريق 8 آذار ايصالها بتعريض استحقاق الانتخابات الرئاسية للفراغ والضغط بالشارع مع العلم ان الحكومة ليس بإمكانها تحمل اعباء اضافية، وهي حكومة كان الهدف منها تحضير الأجواء للانتخابات الرئاسية؟
لا يخفي مصدر نيابي مطلع من ان هذا المشهد هو مشهد غير صحي يهدد الائتلاف السياسي باهتزازات، في وقت بدأت فيه الرهانات على تفاهمات معينة تنفذ، وربما تضع الساحة مجدداً امام انكشاف غياب التوافق على رئيس الجمهورية.
وسط هذه الاجواء، علمت «اللواء» من مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع ان وزير الخارجية جبران باسيل انتقل من روما الى باريس، وذلك لملاقاة الرئيس سعد الحريري الذي من المفترض ان يكون في العاصمة الفرنسية اليوم، لعقد لقاء بين الرجلين يتناول التطورات السياسية التي حدثت بعد تأليف حكومة المصلحة الوطنية والتعاون القائم بين تيار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» والاحتمالات القائمة للتعاون في الانتخابات الرئاسية الجارية.
وكشفت المصادر ان اللقاء سيتناول مستقبل التفاهمات بصورة كاملة، سواء على صعيد الرئاسة وما بعدها.
وأكدت ان سفير المملكة العربية السعودية في لبنان علي عواض عسيري سيعود في الايام القليلة المقبلة الى بيروت ليكون على مقربة من المشاورات للتوافق على رئيس جديد للجمهورية، من دون اسقاط التوافق على النائب ميشال عون.
اشارة الى ان مرشح 14 آذار لرئاسة الجمهورية الدكتور سمير جعجع ابلغ زواره امس ان الرئيس الحريري سيبلغ الطرف العوني، عبر باسيل، في الساعات المقبلة، ان لا امكانية للتعاون الانتخابي معه، او اقناع 14 آذار بانتخابه رئيساً وفاقياً لاسباب منها: فقدان عامل الثقة، وان فريق 14 آذار ما يزال يتبنى ترشيح الدكتور جعجع.
ويأتي هذا اللقاء التي رجحت المصادر المطلعة انعقاده بين الحريري وباسيل، وسط حركة مشاورات في جدة بين الرئيس الحريري والمرشح الرئاسي جان عبيد الذي عاد امس الى بيروت، والموفد الجنبلاطي وزير الصحة وائل ابو فاعور الذي كانت المعلومات حول زيارته الى السعودية تفيد انه حتى ساعة متأخرة كان ما يزال هناك.
وفي ضوء الجواب السلبي الذي سمعه باسيل من الحريري توقعت المصادر المتابعة لحملة 14 آذار الانتخابية، ان تتجدد حملة «التيار الوطني الحر» على «المستقبل»، والتي كانت خبت في الاشهر الماضية، في مرحلة انفتاح العلاقة بين الجانبين منذ لقاء باريس الاخير، من دون ان تستبعد انعكاس هذه الحملة على انتاجية مجلس الوزراء، في مقابل تجدد الانفتاح العوني على جنبلاط، وتالياً عدم اكتمال النصاب في جلسة الاربعاء.
ورأت هذه الاوساط ان الاستحقاق الرئاسي على عكس ما يظن البعض، متروك لقدرة اللبنانيين على انتاجه، خصوصاً وان الاهتمام الدولي والاقليمي بالملف اللبناني لا يبدو مؤثراً، نظراً لأن الأولوية هي للملفات الاقليمية الاخرى التي تفرض نفسها على اللاعبين الكبار.
وفي هذا السياق، كشفت اوساط سياسية التقت السفير الاميركي ديفيد هيل مؤخراً، بأن هناك غياباً واضحاً للدور الاميركي المؤثر في الاستحقاق الرئاسي، مشيرة الى ان هذا الدور يقتصر فعلياً على متابعة مجريات ما يحدث من دون التأثير فيه لا سلباً ولا ايجاباً.
وقالت ان الموقف الاميركي ينحصر في تأكيد واشنطن على إجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده، لكن اللافت أن هذا الموقف ليس بالضرورة أن يكون بلا أي ثمن.
وكشفت الأوساط نفسها، في المقابل، عن عودة تحريك قنوات اتصال فرنسية، في اليومين الماضيين باتجاه السعودية وإيران، في خصوص الاستحقاق الرئاسي اللبناني، بعدما كانت هذه القنوات قد توقفت في الآونة الأخيرة والتي لعبت باريس وواشنطن دوراً فيها.
واستناداً الى هذه المعطيات، فإن مصادر نيابية في كتلة «المستقبل» لا تعتقد أن الأمور موضوعة على نار حامية، وأن مرحلة المراوحة، بالنسبة الى الاستحقاق سيمتد الى أسابيع وربما الى شهور، الى حين نضوج الوضع الرئاسي.
ووفقاً لما نقل عن عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب كامل الرفاعي، فإن 8 آذارتستبعد أن يكون اللقاء بين الحريري وباسيل إيجابياً، لأن لديه مرشح، وإذا تبدّل هذا المرشح فلن يكون عون، بل ربما واحد من ثلاثة: إما العماد جان قهوجي أو حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أو جان عبيد.
أما كلمة السر عند نواب 8 آذار ولا سيما حزب الله و«أمل»، فقد لخصها الرفاعي بأننا سنذهب الى مجلس النواب، لكن دخولنا الى القاعة رهن بتأمين النصاب.
ومن جهته، اعتبر عضو تكتل «التغيير والاصلاح» النائب سليم سلهب لـ «اللواء» أن العماد عون لن يكون أبداً مرشح تفرقة، وأنه ما لم يكن مرشحاً توافقياً يجمع الكل من حوله، فهو لن يعلن ترشيحه، مشيراً في الوقت نفسه أنه (أي عون) ينتظر نتائج المشاورات الجارية بشأن الاستحقاق الرئاسي لاتخاذ قراره بالترشح أو عدمه.
واستبعد النائب سلهب حصول أي تطورات جديدة من شأنها أن تبدل المشهد الذي طبع جلسة الانتخاب الأولى، مؤكداً أن ما من بوادر مشجعة بالنسبة لجلسة الانتخاب الثانية، نافياً أن يكون قب تبلغ بأي معلومات بشأن لقاء الحريري – باسيل في جدة، موضحاً أن هذا الأمر قد يتبلور في اجتماع التكتل المقرر اليوم، الى جانب قرار حضور جلسة الأربعاء من عدمه.
من جهة ثانية، علمت «اللواء» أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي يعود اليوم من روما، سيترأس الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء التي لم تحدد بعد بانتظار جلسة الانتخاب التي تشارك فيها الحكومة مجتمعة. وطبقاً لما كانت أوردته «اللواء» مند فترة قريبة، فإن الجلسة المرجح أن تكون الجمعة، أو أن تتأخر الى الأسبوع المقبل، قد تشهد تعيين مديراً عاماً جديداً لوزارة العدل الى جانب تعيين محافظين لبيروت وبعلبك – الهرمل وعكار.
السلسلة
في هذا الوقت، خرجت اللجنة النيابية الفرعية المكلفة إعادة درس سلسلة الرتب والرواتب عن صمتها نسبياً، بسبب حضور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لجلسة عقدتها مساء أمس في المجلس النيابي، بعيداً عن الإعلام، واستمعت في خلالها الى رأي سلامة بخصوص السلسلة وهو الرأي الذي سبق وأعلنه أمام اللجان النيابية المشتركة، داعياً الى تجزئتها لتفادي الانعكاسات السلبية على مالية الدولة.
ولم تشأ مصادر اللجنة الكشف عن تفاصيل أخرى، باستثناء ما أعلنه النائب جورج عدوان بالتزام اللجنة إنهاء تقريرها في المهلة المحددة، ليصار الى عرضه ومناقشته وإقراره في الهيئة العامة وفقاً للأصول، مشيراً الى أن كل ما تناولته وسائل الإعلام عن مداولاتها غير دقيق ولا يعكس حقيقة ما يجري داخل اللجنة.
وأكد عدوان حرص اللجنة على إعطاء أصحاب الحقوق حقوقهم من دون تعريض الاقتصاد الوطني والمالية العامة والمستوى المعيشي والقوة الشرائية للمواطنين أيضاً لانعكاسات سلبية.
ويأتي تأكيد اللجنة، وسط إضراب عام ينفذه المعلمون في كافة المدارس الخاصة والرسمية، احتجاجاً على عدم إقرار السلسلة، تضامنت معه التعبئة التربوية لحزب الله التي دعت الى الوقوف خلف هيئة التنسيق النقابية والالتزام الكامل بالإضراب الذي دعت إليه اليوم وإلى المشاركة الكثيفة في التظاهرة من مصرف لبنان الى ساحة رياض الصلح، ودعت الى أن يكون اليوم يوم غضب تربوي في وجه السياسات الاجتماعية والاقتصادية الجائرة بحق كافة فئات وطبقات المجتمع اللبناني.