Site icon IMLebanon

لماذا طار التمديد للرئيس ميشال سليمان؟ 8 آذار تدفع نحو حرق مرشّحي 14

لم يكف قرع الرئيس نبيه بري جرس المجلس إيذانا ببدء جلسة الانتخاب، لدفع نواب 8 آذار إلى دخول القاعة العامة لتأمين النصاب الدستوري للعملية الانتخابية. فنواب كتلة “الوفاء للمقاومة” و”تكتل التغيير والاصلاح” قد حسموا أمرهم بعدم النزول الى المجلس إلتزاما لقرار قيادتهم تعطيل الانتخاب حتى الوصول إلى تأمين فوز مرشحهم، والذي للمفارقة ليس أكيداً أنه هو نفسه بالنسبة إلى فريقي تحالف “حزب الله” والتيار الوطني الحر”.

ففي حين يعمل رئيس التيار ميشال عون من أجل أن يكون المرشح التوافقي الذي يحظى بإجماع الكتل النيابية عليه، يستمر “حزب الله” في تسويق مواصفات لمرشحه من دون أن يعلن الاسم صراحة. وليس أكيدا إذا كانت المواصفات المطروحة تعني عون أو غيره، خصوصاً أنها تنطبق على أكثر من مرشح من قوى 8 آذار مثل رئيس “تيار المردة” النائب سليمان فرنجية أو قائد الجيش العماد جان قهوجي.

طارت الجلسة الثالثة لإنتخاب الرئيس إلى الخميس المقبل في 15 أيار، إذ إعتبارا من تاريخ السادس عشر من أيار، موعد بدء سريان مهلة الايام العشرة التي تسبق إنتهاء الولاية الرئاسية في 25 ايار، يتحول المجلس حكما وبموجب المادة 73 من الدستور الى هيئة ناخبة. لكن فشل المجلس في انتخاب رئيس في هذه المهلة يبقي المبادرة حكما في يد رئيس المجلس لتوجيه الدعوات مجددا للإنتخاب، كما للتشريع أو حتى لعقد جلسات حوار يمكن ان يأخذ المبادرة اليها من اجل إحداث إختراق في المشهد السياسي المأزوم. علماً انه في امكان رئيس المجلس ان يستمر في توجيه الدعوات بعد 15 ايار لانه اخذ المبادرة اصلاً في الدعوة الى جلسات.

ليس في الافق ما يؤشر إلى أن جلسة الخميس ستكون مختلفة عن الجلسات الثلاث التي سبقتها. فالمواقف السياسية لم تتغير حيال الاستحقاق الرئاسي، والضغوط الخارجية لم تبلغ مستوى يجعل المستحيل اليوم ممكنا الاسبوع المقبل. ذلك أن الاهتمام الدولي ينحصر راهنا في مسألة حماية الاستقرار الداخلي وإبعاد لبنان عن إرتدادات الازمة السورية، ولا سيما في ظل تورط “حزب الله” فيها.

وقد نجح الحزب في فصل ربط المسار الرئاسي الداخلي عن مسألة إنخراطه في سوريا، مع نجاحه في إبقاء هذا الاستحقاق رهينة المسار السوري، من خلال دفعه الامور في إتجاه الفراغ في سدة الرئاسة بحيث يصبح الملف الامني أولوية، وتنحصر بذلك مواصفات المرشح للرئاسة بالمواصفات الامنية التي تختصرها شخصية قائد الجيش.

تعي قوى 14 آذار خيوط اللعبة التي تستدرجها اليها قوى 8 آذار، من اجل دفعها نحو التراجع عن مرشحها رئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع والسير قسراً في مرحلة لاحقة بمرشحها.

كما تعي ان استنفاد المهل الدستورية ودفع البلاد نحو الفراغ على مستوى الرئاسة الاولى يحرجها بسبب تمسكها بمرشحها. لكن 14 آذار غير قادرة على مجاراة الحزب في مشروعه. وتقول اوساطها انها غير مستعدة لحرق مرشحيها الواحد تلو الآخر. ذلك ان تراجع جعجع عن ترشحه لمصلحة الرئيس أمين الجميل او النائب بطرس حرب لن يغير موقف 8 آذار . وأقصى ما يحققه هو رفع عدد النواب ربما من 48 الى 50 او 52، لكنه لن يؤدي إلى إيصال أحدهما الى الرئاسة ما لم يحصل توافق حولهما. وهذا يعني أن الفراغ لم يعد خياراً، بل بات امرا محتماً في ظل إستمرار التعطيل الذي يحكم هذا الملف، فضلا عن سقوط خيار التمديد للرئيس ميشال سليمان، والذي كان مطروحاً سابقا كحل بديل لتلافي الفراغ.

والواقع أن موضوع التمديد كان بلغ مرحلة متقدمة حتى خريف العام الماضي، بجهود فرنسية حثيثة وتكليف اميركي بلغت حد إبلاغ دوائر وأجهزة عدة بسريان هذا القرار. لكنه ما لبث أن سقط تحت وطأة معطيات خارجية تدفع في إتجاه الفراغ، وقد جاءت ترجمته من خلال المواجهة الحادة بين سليمان وحزب الله على خلفية موقف الاول من المقاومة وسلاح الحزب.