حلفاء الجنرال يخشون وقوعه في التضليل
لماذا لم يعط الحريري جواباً شافياً لعون؟
يشيع نواب ومسؤولون في «التيار الوطني الحر» اجواء ايجابية لجهة انتخاب العماد ميشال عون الرئيس الثالث عشر للجمهورية اللبنانية منذ استقلالها. في اليومين الماضيين ارتفعت نسبة التفاؤل حتى كاد بعض «العونيين» يتبادلون التهاني. ما عادت تذكرة سفر سعد الحريري باتجاه واحد. على العكس، فبطاقة العودة مضمونة للموقع السني الاول. فـ«الرئيس القوي» كميشال عون يحتاج الى جانبه، بحسب قراءة العونيين الراهنة، الى رئيس حكومة قوي. معا يعيدان مجد الصورة لبشارة الخوري ورياض الصلح.
كثر من «التيار الوطني الحر» مقتنعون أن الامور سائرة في هذا الاتجاه. وكثر يراهنون على مفاجأة ربع الساعة الأخير. ومن يشكك من بينهم يدهشه هدوء النائب ميشال عون، فيجزم بأن لذلك علاقة باطمئنانه للانتخابات الرئاسية ووصوله رئيسا.
لكن بعضا من حلفاء «التيار»، المسيحيين تحديدا، الذين يلمسون الاجواء التفاؤلية في اوساطه، يقاربون الامور بحذر اكبر. هؤلاء يطرحون اسئلة كثيرة حول الاسباب التي تجعل سعد الحريري يتريث في اعطاء جواب شاف لعون. يتوقفون عند كلام للنائب احمد فتفت ردا على سؤال حول الجواب المنتظر من الحريري الى عون، فقد قال فتفت «لو كان الجواب آتيا سيرا على الأقدام لوصل». حلفاء عون مقتنعون بدقة هذا الكلام، ويعتبرون ان الحريري يمتنع عن اعطاء عون الجواب النهائي كسبا للوقت. ويعددون اسبابا اخرى ابرزها:
اولا، لا يريد الحريري ان يعرقل التعاون الحكومي القائم والتسهيلات التي يقدمها وزراء «تكتل التغيير والاصلاح»، وهو ما ينعكس ايجابا على اكثر من ملف وقضية.
ثانيا، لا يرى الحريري ضرورة لاستعداء عون في ظل مناخات اقليمية ودولية غير واضحة قد تدفعه مكرها الى خيارات لا يريدها. وليس بالضرورة ان يكون هذا الخيار ميشال عون تحديدا.
ثالثا، يوحي الحريري لبعض سائليه من المقربين من عون، انه لا يمكنه ان ُينزل فجأة بالمظلة اسم ميشال عون ويجعله مقبولا من قاعدته بعد سنين من الخصومة و«الابراء المستحيل». لذا فانه يعطي جمهوره وقتا ليهضم موقفه المستجد». لكن الحريري، تضيف المصادر، يعرف ان «عداء جزء كبير من جمهوره للعماد عون، وخلفه للتيار الوطني الحر، يماثل، ان لم يكن يفوق، عداءه لبشار الاسد ولحزب البعث. بالتالي فان هذا الجمهور لن يهضم ترشيح عون. لكن في الوقت نفسه، الزعيم الذي نام في قصر الاسد المتهم بقتل رفيق الحريري، والزعيم الذي قال ما قاله من على باب المحكمة الدولية ولم يراع جمهوره، هل ننتظر ان يراعيه في قرار مماثل؟».
لهذه الاسباب يبدي بعض حلفاء عون خشيتهم من «تضليل متعمد يمارسه سعد الحريري مع العماد عون». يطرح مسؤول في حزب حليف اسئلة ضمنية تحمل غمزا من قناة عون وصهره الوزير جبران باسيل. يسأل «ببراءة»، عن «العلاقة التي تتوطد بين باسيل ومدير مكتب سعد الحريري نادر الحريري؟ ما هي اسبابها؟ ما الذي يجمع الشاب الذي يعمل بصمت وبأقل قدر من الأضواء بالوزير الهجومي الساعي وراء كل بقعة ضوء؟ في المبدأ لا شيء مشتركا بينهما لا في السياسة ولا في الطباع الشخصية». يجول المسؤول ويصول بالاسئلة ليُفهم محدثه من دون ان يقول، ان النفط يمكن ان يكون مدخلا من مداخل الصداقة الجديدة، وربما العداوات المستجدة ايضا.
لا يرتاح كثر من حلفاء عون للقنوات المفتوحة بينه وبين الحريري، لكل اسبابه وحساباته، لكن احدا لن يجاهر في هذه المرحلة بكل ما تكتنزه الصدور من شكاوى. يراهنون ان «الآتي من الايام سيكشف للجنرال بأنه كان مضللا، وان رهانه على قرار مستقل للحريري يجعله يبادر الى شراكة تأسيسية متجددة في غير مكانه».