Site icon IMLebanon

لماذا يعلّق الراعي التعطيل على شمّاعة بري؟

4 معابر للانتخابات الرئاسية.. آخرها مجلس النواب

                                                   لماذا يعلّق الراعي التعطيل على شمّاعة بري؟

لم ينزل الرئيس نبيه بري الى حلبة الاشتباك السياسي مع بكركي، برغم الحجر الذي رمى به البطريرك بشارة الراعي على مجلس النواب ورئيسه بدعوته الى جلسات يومية “الزامية” لانتخاب رئيس للجمهورية.

استوعب بري الصدمة وأبعد الحجر برد مقتضب “استطيع ان ادعو الى جلسة كل خمس دقائق، ولكن هل هذا يحل الامر؟”.

الجو المجلسي حذر، والسؤال “ماذا يريد البطريرك”، خاصة انها ليست المرة الاولى التي يقذف فيها حجرا على مجلس النواب، فثمة دعوات مماثلة سبق واطلقها قبل انتهاء ولاية ميشال سليمان وفي زمن الشغور، ولم تترك صدى مريحا في الاجواء المجلسية، بل زرعت فيها ريبة وتساؤلات حول الموقف البطريركي برغم يقينه بان كرة تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية ليست في البرلمان.

جدد الراعي التصويب على المجلس، فتجدد السؤال المجلسي نفسه: لماذا يصر على التصويب على المكان الخطأ؟

الاجواء المحيطة بسيد ببكركي تشي بشيء من التخبط في مقاربة الملف الرئاسي، فتارة تطرح دعوة الاقطاب الاربعة الى اللقاء مجددا، فيأتي من يقول باستحالة ذلك لأن علاقته ببعض الاقطاب ليست على ما يرام.

وتارة ثانية يطرح ان يزكي البطريرك مرشحا ما، قيأتي من ينصح بصرف النظر لأن لا قدرة للبطريرك على تزكية احد.

وتارة ثالثة يطرح عقد مهرجان شعبي مسيحي في بكركي (دعما لمواقف البطريرك)، فتصطدم بمن يحذر من الفشل الحتمي.. اذ “ليس في الامكان اخراج الناس من خنادقهم السياسية”.

وتارة رابعة يطرح عقد مؤتمر ماروني عام لكل الوزراء والنواب الحاليين والسابقين، فيأتي من يقول: “حذار عقد هذا المؤتمر، فأكثريتهم الساحقة محسوبون على الاقطاب الموارنة، وانعقاده سيتحول الى حلبة تصادم في ما بينهم، والنتيجة مزيد من التوتر”.

وتارة خامسة بتفعيل دور المؤسسات المارونية (“الرابطة” و”المجلس العام” و”الانتشار”)، فيأتي من يسأل “.. وهل تملك تلك المؤسسات قدرة الضغط والقرار؟”.

مقربون من بكركي يبررون للراعي تصويبه على المجلس، بـ”أنه يراسل الداخل والسفارات بأن انتخاب الرئيس يشكل اولوية، ونحن مصرون عليه”. اما في المقابل فهناك من يسجل الآتي:

اولا، ليس في الدستور ما يلزم بالدعوة لانعقاد المجلس بجلسات انتخابية يومية.

ثانيا، البرلمان هو المحطة الاخيرة في مسار الانتخابات الرئاسية. فاختيار المرشحين هو المحطة الاولى وهذا غير متوفر، والتوافق على اي منهم هو المحطة الثانية وهذا غير متوفر ايضا، والظرف الدولي والاقليمي والدولي هو المحطة الثالثة وهذا غير متوفر حتى الآن.. والانتخاب في المجلس هو المحطة الرابعة، فلماذا الاصرار على سلوك المسار العكسي من المحطة الاخيرة الى المحطة الاولى؟

الدعوة لجلسات يومية الزامية، تنطوي على تبسيط للامور، فلأزمة الرئاسة ثلاثة وجوه :

الأول، ماروني يتجلى بعدم القدرة على التوافق على مرشح من الاقطاب او من الصف الثاني او ما دون، وكذلك بفشل البطريرك نفسه في جمع الاقطاب وايجاد لغة رئاسية مشتركة في ما بينهم، وتوحيدهم على خيار معيّن.

الثاني، وطني يتجلى بالانقسام الحاد بين المكونات السياسية وافتقار كل منها القدرة الى الحسم وتأمين الاكثرية المطلوبة كي تميل الدفة في اتجاهه.

الثالث، اقليمي دولي، كل الدول المعنية بالرئاسة من السعودية الى سوريا وايران وكذلك الغرب والولايات المتحدة الاميركية، تقف على الاسرار الحقيقية المحيطة بملف الشغور الرئاسي، وعلى حقيقة ان لبنان لا يعيش ازمة رئاسية بقدر ما يعيش ازمة كيان وازمة وطن، فهو جزء من ساحة اسمها الشرق الاوسط تهتز الارض تحتها وتكاد حدودها تختفي مع نشوء “دولة الخلافة الداعشية”، وبما انه جزء من هذه الساحة فهو ليس منعزلا عن ازماتها، وبالتالي ما دام الحل لم يستقر في هذا الشرق، فلا حل في لبنان.

يجزم صاحب هذا الرأي ان الراعي يرى تلك الوجوه، لكن توجهه المتجدد الى المجلس كمن يضع البيادق في غير امكنتها، ويجعل المراقب يعتقد أن البطريرك يتجاهل الاسباب الحقيقية للتعطيل ويحاول تصدير المشكلة الى مجلس النواب وتعليق المسؤولية على شماعة الرئاسة الثانية وتحميلها، بما لها من رمزية رئاسية ووطنية، وزر افتعال الشغور وتعطيل الاتيان برئيس جديد.

اما الدعوة لجلسات يومية، فكمن يدعو الى جلسات جلد يومي، على حد تعبير تلك الشخصية التي تسأل: لنفرض ان انعقدت يوميا واقام النواب في المجلس 24 ساعة على 24، فأي نتيجة ستخرج بها في ظل خلاف ماروني حاد وانقسام سياسي عميق وارتباط كلي للبنان بأزمة المنطقة؟ وفي حالة “اللانتيجة” هذه، ألن تكون النتيجة الوحيدة لتلك الجلسات هي تظهير الترهل اكثر فأكثر وتعميق اكبر للخلاف والانقسام وابقاء البلد في توتر سياسي؟

ما تخشاه الشخصية المذكورة ان يكون تصويب البطريرك على المجلس قائما على انتقام، بمفعول رجعي، من عدم تحقيق رغبته بتمديد ولاية ميشال سليمان، وكذلك على رغبة جامحة لديه بانتخاب رئيس تابع يلبس عباءة بكركي فيرعاها وترعاه.