يُحذّر رئيس وزراء بريطانيا دافيد كاميرون من أن «داعش» تسعى إلى التمدّد الى لبنان والأردن. وهذا كلام في غاية الأهمية والخطورة، لأنه يستند الى تقارير الإستخبارات البريطانية 6 MI . غير أن «داعش»، بمقدار ما تملك من قدرات عسكرية وتكتيكات عصاباتية وعمق استراتيجي لعملياتها في سوريا والعراق، تُعاني من نقاط ضعف وخطر وجودي.
تؤكد تقارير إستخبارية دولية أن ما تجمعه الأقمار الصناعية وطائرات التجسّس، يُفيد أن داعش تُمنى بخسائر كبيرة ميدانياً في مواجهاتها مع أعدائها الذين يزيدون يوماً بعد يوم، على رغم أنها تزيد من حجم تهديداتها للبنان والأردن والسعودية وحتى أوروبا وأميركا، فيما تواصل مخطّطها لتثبيت مكتسباتها في ترسيخ «دولة الخلافة» التي تمّ حلُّها قبل تسعين عاماً.
وتقول التقارير إن خطوة «داعش» التالية هي الإنقضاض على مطار دير الزور العسكري بعد استيلاء عناصرها على مطار الطبقة في الرقة الأسبوع الماضي، قبل محاولة التوسّع نحو مناطق أخرى.
وعلى رغم غزواتها وبطشها، فإن «داعش» ليست قوّة لا تُقهر، وقد بدأت تُواجه مقاومة حتى داخل ما كانت تعتقد أنه بيئتها الحاضنة، وبدأت تُهزم أمام الأكراد في العراق، وفي الغوطة الشرقية قرب دمشق، وفي مواجهة المعارضة في شمال حمص، والجيش اللبناني في جرود عرسال.
تُواجه «داعش» خطرين: الضربات الجوية الأميركية التي لم ترقَ الى تهديد جدّي حتى الآن في انتظار تفاهمات إقليمية، والإنقسامات الداخلية، حيث بدأ أبناء العشائر السنّية في سوريا والعراق التململ ورفض هيمنة «داعش» ومحاولاتها إخضاعهم لطموحاتها وقواعدها.
وفي معلومات موثقة، فإن عدد مسلّحي «داعش» في سوريا يتراوح بين عشرة آلاف وعشرين ألفاً، بينما يصل عدد مسلّحي قوى التنظيمات والمعارضة الأخرى إلى مئة ألف. لكن المشكلة أنهم مُشرذمون إلى مجموعات متناقضة المشاريع والأهداف، ما يؤثّر في عوائدهم المالية ومصادر تموينهم بالسلاح المتطور والذخيرة.
وما زالوا يبحثون في إمكان توحّدهم على غرار ما فعلت خمس مجموعات في الغوطة الأسبوع الماضي، حيث أنشأت مجلساً عسكرياً مشتركاً لمواجهة قوات النظام السوري من جهة، ومسلّحي داعش من جهة ثانية.
أما لماذا تعتمد «داعش» الذبح وقطع الرؤوس، ولماذا تصوّر هذه الفظاعات وتنشرها على وسائل الإعلام، فلأنّها تهدف إلى شنّ حرب نفسية على أعدائها، وترويع كل مَن لا يتفق مع مشروعها، خصوصاً أن لا فرص حقيقية للنجاة أمامها، عندما يحين الوقت ويُعقد تحالف دولي – إقليمي لإستئصالها.