Site icon IMLebanon

لن يسلم العراق من التقسيم !

يتركز الإهتمام على التحالف الذي تسعى واشنطن الى إنشائه تمهيداً لضرب “داعش”، لكن وراء الكواليس العراقية تتقاطع سياسات اقليمية ودولية حول ما كان مسعود البارزاني قد اعلنه بعد انهيار الجيش من “ان العراق لن يعود الى ما كان عليه”.

جو بايدن أثار زوبعة قبل ايام عندما عاد الى الحديث عن تقسيم العراق الى دولة شيعية في الجنوب ودولة سنيّة في الوسط ودولة كردية في الشمال، وهو اقتراح يقترب من اتفاق “دايتون” الذي أبرم عام ١٩٩٥ في البوسنة والهرسك، لأنه يطلب الحكم الذاتي الموسع لكل من الدول الثلاث، ويترك للحكومة المركزية في بغداد مسؤوليات الأمن والشؤون الخارجية وتوزيع العائدات النفطية

بايدن ليس اول من تحدث عن التقسيم، إذ سبقه الحجاج بن يوسف الثقفي بقوله “يا اهل العراق، يا اهل الشقاق والنفاق”، ثم ان هنري كيسينجر وضع مشروعاً لتقسيمه في السبعينات بما يشكل دومينو تقسيمياً يصيب دولاً اخرى في المنطقة.

قبل بايدن كانت كوندوليزا رايس قد كتبت مقالاً في “الفورين بوليسي”، عندما كانت في مجلس الأمن القومي وقبل ان تصبح وزيرة للخارجية، يدعو الى تقسيم العراق الى ثلاث دول بما يساعد في اعادة ترتيب اوضاع المنطقة، وعندما شن جورج بوش الحرب على صدام حسين عام ٢٠٠٣ برز هذا المقال كعنصر رجّح قرار الغزو.

أول قرار اتخذه بول بريمر الذي تولى ادارة العراق بعد اسقاط صدّام حسين كان حلّ الجيش العراقي ورعاية حملة اجتثاث البعث، بما سيشعل فتيل الفتنة المذهبية بين السنّة والشيعة، ثم جاء التفاهم الاميركي – الايراني على إبعاد اياد علاوي وترئيس نوري المالكي الحكومة العراقية ليعمّق الخلاف، وخصوصاً في ظل سياسة الاقصاء والتهميش والتنكيل التي شكلت بيئة من الكراهية استغلّتها “داعش”، التي أُخرجت نواتها من السجون السورية ثم العراقية بهدف تشويه صورة المعارضة السورية .

لسنا في حاجة الى تذكّر القرار الذي قدمه بايدن وتبنّاه الكونغرس في ايلول من عام ٢٠٠٧، والذي يدعو الى تقسيم العراق الى ثلاث فيديراليات، فما هو أهم ليس تصريحات البارزاني والقادة الأكراد الذين يدعون صراحة الى قيام الدولة الكردية، بل الإجماع على تسليح البشمركة لمواجهة “داعش” في الموصل وعند تخوم اربيل، بما يرسّخ قدرات الأكراد على ادارة دولة قوية .

الدولة الكردية لا تضير ايران التي ستحصل على امتداد في عمق الخليج عبر الدولة الشيعية في الجنوب، وقد كان من المثير ان يصل محمد جواد ظريف الى اربيل واعداً بتسليح البشمركة، في حين كان سايمون مايال يرسخ وجوده لدى الأكراد كمبعوث أمني لبريطانيا الى جانب العسكريين الاميركيين، بينما بدت بغداد غارقة في عقد تشكيل الحكومة الجديدة !