التغريدة التي نشرت على «تويتر» والمنسوبة الى «لواء احرار السنّة ـ بعلبك» متضمنة تهديداً باستهداف الصليبيين على يد مجموعة خاصة، وتطهير امارة البقاع الاسلامية في شكل خاص، ولبنان في شكل عام من «:كنائس الشرك» تركت تساؤلات عدة عن جدية هذا اللواء، وعن الجهات التي تقف خلفه، والاسباب الكامنة وراء «خلط» الصراع السني ـ الشيعي، بصراع طائفي اوسع مدى، يأتي في اعقاب ما تتعرض له الاقلية المسيحية في العراق من اعتداءات وممارسات عنف وتهجير يقوم بها «تنظيم داعش»، خصوصاً وان هناك علاقة جد طيبة بين مسيحيي منطقة بعلبك وبين سنتها، مثلها مثل العلاقة مع الشيعة، ان لم تكن افضل، وهي تعود الى مئات السنوات، وتكرّست هذه العلاقة حتى في السياسة، وفي الدورات الانتخابية النيابية والبلدية، وبالتالي فان الشك بحقيقة وجود مثل هذا اللواء هو شك مبرر، ما استدعى قيام البعض المعني باستمرار حسن العلاقة بين المسلمين والمسيحيين، الى تعقب حركة ونشاط ما يسمى بموقع «احرار السنّة ـ بعلبك» فاكتشفوا وفق المعلومات المتوافرة والمنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، ان المسؤول عن الموقع يدعى حسين مرتضى، وهو ليس سنياً، وسبق له وتبنّى تنفيذ عمليات انتحارية عدة، قامت بها تنظيمات اصولية اخرى، لا علاقة لها بسنّة بعلبك، مثل «جبهة النصرة» وغيرها، وخلص هؤلاء الى استنتاج واقتناع ان من يقف وراء هذ الموقع ومن يحركه يهدف الى امرين اثنين، الاول زيادة التسعير والتوتر بين السنّة والشيعة، والثاني خلق اجواء من الاحتقان والخوف والعداء، بين المسيحيين والسنّة، بهدف ضرب الطائفتين معاً، وفك تحالفهما السياسي، ولاستثارة المسيحيين الملدوغين من التكفيريين في العراق ومصر وتونس وسوريا.
المسلمون السنّة المعتدلون، وهم الاكثرية الساحقة في لبنان ودول العالم العربي والاسلامي، واعون لحقيقة الامر من خلال القيادات السياسية والروحية، والتي تعبّر عنها يومياً وفي شكل شبه دائم، واذا كان في مكان ما، ولاسباب اصبحت معروفة، هناك بعض البيئة الحاضنة لتنظيمات تكفيرية، فسبب النزاع السني – الشيعي، المذهبي والسياسي، وهناك جهود كبيرة تبذل لحصر هذا النزاع في اماكن انفجاره في سوريا والعراق، ومنع امتداده الى لبنان، وعلى حزب الله تحديداً، ان يلعب دوراً مؤثراً في هذا الاتجاه، وهو يعلم بما يجب عليه عمله، لتجنيب لبنان ويلات الحروب المذهبية والطائفية، على اعتبار ان الساحة اللبنانية اليوم، تمرّ في اسوأ ايامها وحالتها، وهي غير متماسكة لالف سبب وسبب، بعضها داخلي، وبعضها خارجي، واشدّها خطراً، تدفق النازحين السوريين والفلسطينيين، مع ما يحملونه من خلافات مذهبية وسياسية واجتماعية، وما يحملوّنه للدولة اللبنانية من اعباء تتجاوز قدرتها وطاقاتها، خصوصاً في هذا الصيف الصحراوي، حيث لا ماء تكفي حتى اللبنانيين، ولا كهرباء ولا سياح، ولا امكانات صحية واجتماعية، وهي جميعها عناصر متفجرة قابلة للاشتعال في اي وقت.
***
في المقابل، يجب على المسيحيين الا يسقطوا من حساباتهم المثل العامي الذي ينبّه قائلاً: «ما متت، بس ما شفت مين مات؟!؟» بما يعني ان الاتكال على الدولة وقواها الامنية والعسكرية، تحصيل حاصل، ولكن الحذر والاستعداد والتنبه الى غدرات الزمان، واجبة وضرورية، بمثل وجوب وضرورة التعاون والتنسيق مع جميع المكونات اللبنانية المستهدفة بالتآمر وخلق الفتن وزرع الخلاف بينها، على اعتبار ان من يعمل على خلق عالم جديد، ودول جديدة، ويحمل الخرائط و«المقصّ» لا يميّز بين مسيحي ودرزي وسنّي وشيعي، وكل ما يجب على اللبنانيين فعله هو تصعيب مهمته، بقوتهم وتحالفهم، وعدم الانسياق وراء لعبة الامم والكبار.