المشنوق لـ «المستقبل»: المطلوب تضامن الأحزاب المعنية
لواء الأمن بالمرصاد.. لـ «ألوية» الفتنة
إلى جانب المعاناة السياسية التي يشهدها لبنان من خلال تعطيل الانتخابات الرئاسية وإبقاء الشغور سيفاً مصلتا من قبل فريق «8 آذار» على قاعدة «إما رئيس مني أو شغور مستمر»، والتهديد بانتقال هذا الشغور إلى الحكومة ومجلس النواب، يبرز قلق اللبنانيين من المحاولات الحثيثة التي تبذلها جهات «مجهولة- معلومة» من أجل زعزعة الاستقرار في البلد وإدخاله في دوامة النار المشتعلة التي تلف المنطقة.
وما تفجير ضهر البيدر ثم تفجير إرهابي نفسه في فندق «دو روي» في محلة الروشة واعتقال شريكه الذي كشفت التحقيقات معه عن معلومات أمنية «دسمة» إلى جانب المعلومات التي تتوالى إلى الأجهزة المعنية من الدول الخارجية، وتفجير الطيونة سوى نماذج عن هذه المحاولات، غير أن الحرب الاستباقية التي تشنّها الأجهزة الأمنية «المتضامنة» ساهمت لغاية اليوم في حصر الأضرار التي كان مخططاً الايقاع بها.
التضامن السياسي «المعقول» من خلال العمل الذي تقوم به حكومة «المصلحة الوطنية» نجح في تجنّب مطبّ «الصلاحيات» والاتفاق على عدم إدراج المواضيع «الحساسة» على جدول أعمال مجلس الوزراء إلا بعد «التوافق» عليها، إلا أن «التضامن الأمني مطلوب أيضاً من الأحزاب المعنية» وهو ما عبّر وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق لـ «المستقبل» عن ضرورته.
ولم يبد الوزير المشنوق تردداً في التأكيد على أن المعركة التي يخوضها البلد تتضمن بالدرجة الأولى تضامناً سياسياً وهو لغاية الآن متوفر عبر حكومة المصلحة الوطنية «والمطلوب تعزيزه»، غير أنه يشدّد بالمقابل أن ما هو مطلوب وهو بالقدر نفسه من الأهمية إن لم يكن أكثر هو التضامن الأمني، وأن الأجهزة الأمنية «مكلفة بناء العلاقات والتنسيق مع كل الأحزاب الفاعلة والاستفادة من كل خطوة يمكن القيام بها لوقف امتداد الحريق السوري الى لبنان، أو أي تطور إرهابي يهددنا».
وإذ تبدو رسالة المشنوق واضحة لمن «يعنيهم الأمر» إلا أنه شدّد أن المعركة الحقيقية ليست مع «مواقع استخبارية مزوّرة ومجهولة الأب والأم»، مؤكّداً في الوقت عينه أن ما يصدر عن ما يسمّى «لواء أحراء السنة» لا يمت إلى حقيقة مواقف أهل السنة في لبنان، «فالسنة هم أحرار الاعتدال والاستقرار والتوازن، وليسوا أحرار الانتحار والخطف والتفجير».
وما تغريدات ما يسمّى «لواء أحرار السنة- بعلبك» على موقع «تويتر» لتهديد «المسيحيين وكنائسهم» وتوعّد الوزير المشنوق بأن «إجراءاته لن تردع المجاهدين عن تنفيذ عملياتهم»، إلا نموذجاً إضافياً عن محاولات بث الفرقة وزرع الفتنة في لبنان بين أهله بمختلف فئاتهم التي تبذلها أجهزة استخبارات خارجية على ما أكّد الوزير المشنوق في مناسبات عديدة.
من جهته، أشار عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري لـ «المستقبل» إلى «تكاثر التهديدات ذات اللون المذهبي التي تفوح منها روائح التورّط المخابراتي، والتي تهدف إلى مزيد من الفتنة وإلى مزيد من زعزعة الاستقرار الداخلي خدمة للمشروع الاقليمي الأكبر».
واعتبر حوري أن «ألوية الفتنة» التي تقف وراء هذه الدعوات والبيانات المشبوهة «لا تعبّر إطلاقاً عن موقف أهل السنة الذين «يحرصون على العيش المشترك وهم أهل العدالة والاعتدال وأهل لبنان أولاً»، مضيفة أن «الرئيس سعد الحريري دعا في الذكرى التاسعة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري إلى التصدي للتحريض والدعوات المشبوهة لزج اللبنانيين والطائفة السنية خاصة في حروب مجنونة لا وظيفة لها سوى استدراج لبنان إلى محرقة مذهبية». وأكّد حوري أن «لدى الأجهزة الأمنية أكثر من معطى اليوم حول مصدر هذه التهديدات».
وإذا كانت الرسائل «المذهبية» التي جاءت على لسان «لواء أحرار السنة» تصب في خانة إذكاء نار الفتنة في لبنان، إلا أن اللافت كان أنها كانت في إطار مكشوف منذ تبنّى «اللواء» المذكور عمليات إطلاق الصواريخ التي كانت تستهدف مناطق البقاع ويقول إنها كانت ضد «حزب الله إلى أن ينسحب من سوريا»، حيث تقاطعت مصادر مطّلعة حول التساؤل عن السبب الذي حوّل فجأة هذا «اللواء» من «استهداف حزب الله إلى استهداف إخوتنا المسيحيين واليوم إلى استهداف الأجهزة الأمنية والوزير المشنوق».
ويشدّد من جهته عضو جبهة «النضال الوطني» النائب علاء الدين ترو على «ضرورة التضامن» بين الأجهزة الأمنية، ودعا في حديث لـ «المستقبل» إلى «رفع مستوى التنسيق وتبادل المعلومات الأمنية بين الأجهزة وعدم محاولة التشاطر بين الأجهزة من حيث إخفاء المعلومات عن بعضها أو احتكارها، حيث إن الخطر يهدّد الجميع ولا يعني فريقاً دون الآخر».
ويعتبر ترو أن الحكومة «نجحت لغاية اليوم في تجاوز التبيانات السياسية لكن ذلك لا يكفي إذ يجب العودة إلى مجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية على اعتبار أن الفراغ يجر فراغاً وبالتالي فإن الفراغ في المؤسسات يسهّل على الدخلاء التسلسل إلى الوضع الأمني وهزّ الاستقرار».
وإذ تتقاطع مواقف المصادر مع اعتبار أن التهديدات الأمنية «حقيقية وكبيرة لأن هناك من يزعجه كثيراً استقرار الوضع في لبنان»، إلا أنها تؤكد أن «التضامن السياسي والغطاء الذي تتمتع به الأجهزة في الحرب الاستباقية التي تشنها على كل من تسوّل له نفسه العبث بالأمن، يجب أن يتعزّز وأن يستمر، وأن لا تعتبر جهة نفسها غير معنية به وأن اهتزاز الوضع الأمني في البلد سيصيب الجميع من دون استثناء».
وفي هذا الاطار قال عضو تكتل «التغيير والاصلاح» النائب الآن عون لـ «المستقبل» إن المطلوب تقنياً في هذه المرحلة «تعزيز الأمن الوقائي من حيث اتخاذ التدابير الوقائية وهو ما بدأت الأجهزة الأمنية القيام به ويجب أن يستمر» مشيراً في الوقت نفسه إلى أن المطلوب أيضاً هو «التغطية السياسية من جميع الفرقاء لعمل هذه الأجهزة وعدم ترك مناطق تتمتع بغطاء ما يعيق عمل الأجهزة فيها».
وشدّد عون على أن التسوية السياسية الكبرى التي تبدأ عبر انتخاب رئيس للجمهورية «تحفظ المؤسسات وبالتالي ترخي نوعاً من الاستقرار السياسي الذي ينعكس أمنياً بما يريد البلاد والعباد».