ماذا بعد التجديد للرئيس بشار الأسد؟ هل يكون ذلك مدخلاً للبحث في حلّ سياسي عادل ومتوازن، هل يكون استمراراً لحرب لا أحد يعرف متى تنتهي وقد تتخذ شكل الحرب العراقية، وكيف سيكون التعامل مع لبنان، وهل تكون نتائج الانتخابات في سوريا مرتبطة بنتائج الانتخابات في أوكرانيا ويكون الحلّ واحداً في كلتا الدولتين؟
هذه الأسئلة تختلف الأجوبة عنها باختلاف المصادر وإن كان لا بدّ من انتظار ردود الفعل العربية والدولية على الانتخابات السورية، ليس بالبيانات والتصريحات إنما بالأفعال.
ثمّة من يقول إن الولايات المتحدة الأميركية ومعها دول أوروبية قد تعمد إلى مدّ المعارضة السورية المعتدلة بأسلحة متطوّرة تعيد التوازن العسكري على الأرض وتالياً التوازن السياسي لأي حلّ. فإذا ظلّ الرئيس الأسد مصرّاً على رفض أي حلّ يكون عادلاً ومتوازناً، فإنه سيتحمل عندئذ مسؤولية استمرار حرب تقضي على ما تبقّى من سوريا حجراً وبشراً. واستمرارها لن يكون لا في مصلحة النظام السوري ولا في مصلحة خصومه إنما في مصلحة اسرائيل، واستمرار الحرب قد يوصل الجميع إلى حلّ التعب…
وثمّة من يقول إن روسيا بعد التجديد للرئيس الأسد أصبحت في موقع تفاوضي قوي مع الولايات المتحدة الأميركية والدول الاوروبية إذ أنها تجعل رئاسة الجمهورية السورية خارج أي بحث كما كان الأمر في محادثات جنيف وكانت سبب فشلها، إنما يصبح البحث محصوراً بتشكيل حكومة وحدة وطنية تمنح صلاحيات أوسع من الحكومات السابقة لأن من أولى مهماتها مكافحة الارهاب والحركات الأصولية على اختلاف أشكالها، وهو ما يهم كل الدول التي أخذت تشعر بخطرها، خصوصاً عند انتقال نشاطها إلى قلب هذه الدول.
وستحاول روسيا، بحسب مصادر ديبلوماسية، إقناع الولايات المتحدة الأميركية بهذا الحلّ والقبول بنتائج الانتخابات الرئاسية كأمر واقع وإن لم تعترف بها لأن استمرار الحرب في سوريا مكلف للجميع وعدم التوصّل إلى حلّ يجعل الارهاب ينتشر ويهدّد الأمن والاستقرار ولاسيما في دول الجوار عوض أن يصير اتفاق على حلّ يقيم حكماً قوياً في سوريا يضرب الارهابيين والحركات الأصولية ويحول دون انتقال نشاطهم إلى أي دولة. ثم إن وقف الحرب في سوريا، برأي روسيا، يعيد اللاجئين السوريين إلى ديارهم ويخفف أعباء كبيرة عن الدول التي تستضيفهم وعن الدول المانحة لاسيما بالنسبة إلى لبنان الأكثر تضرّراً من استمرار الحرب السورية. فاذا كان الجميع يحرصون على استمرار الاستقرار فيه فإن اللاجئين السوريين اليه قد يتحولون فعلاً قنبلة موقوتة، وينقسمون بين مؤيد للنظام السوري ومناهض له، ما يحدث صدامات في ما بينهم من جهة ومع قوات الدولة اللبنانية من جهة أخرى، بحيث يتكرّر في لبنان ما حصل مع المنظمات الفلسطينية عندما انقسمت على نفسها ليساند خارج فئة منها وخارج آخر فئة، وينقسم اللبنانيون أيضاً بين مؤيد لمنظمات ومناهض لأخرى وهذا يهدّد بعودة الحرب الداخلية إلى لبنان.
لذلك ليس سوى وقف الحرب في سوريا بالتوصل إلى حلّ عادل ومتوازن ما يريح الوضع في كل المنطقة، ولاسيما في دول الجوار وخصوصاً لبنان.
وفي رأي مصدر ديبلوماسي عربي أن الكلمة الفصل في أي حلّ للحرب في سوريا هي لايران. فهل تبيع الرئيس الأسد إذا قبضت ثمناً سياسياً مغرياً في المنطقة يجعلها اللاعب الكبير فيها بعد التوصل إلى اتفاق على برنامجها النووي، أم أن الولايات المتحدة الأميركية هي التي تبيع حلفاءها وأصدقاءها في المنطقة عملاً بالسياسية البراغماتية التي تتبعها وقد سبق لها أن باعتهم عندما أتت باللواء فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية بالتفاهم مع خصمها السياسي آنذاك الرئيس جمال عبد الناصر وكانت في صراع نفوذ مع بريطانيا في المنطقة على أثر سقوط “حلف بغداد”، وعندما عقدت صفقة مع الرئيس حافظ الأسد أدت إلى الموافقة على اتفاق الطائف الذي أتاح لسوريا فرض وصاية على لبنان محدّدة بسنتين فأصبحت ثلاثين سنة لا لشيء سوى الرغبة في تخليص لبنان واسرائيل من المسلحين الفلسطينيين ونقلهم إلى تونس.
فهل من صفقة ستعقد بين أميركا وإيران بمعرفة روسيا أو من دون معرفتها، ومن يبيع من فيها، وهل تكون متلازمة مع حل للوضع في أوكرانيا أم منفصلة عنها؟