هل من يصدق ان مجلس النواب الذي لم يقدر على انتخاب رئيس للجمهورية سيكون قادرا على «بلع» مرسوم اجراء الانتخابات النيابية، لاسيما ان الحديث عن التمديد للمجلس قطع شوطا كبيرا واستقطب اهتمام الجميع بلا استثناء خصوصا ان «نواب الامة قد اصبحوا في هذا الوارد» لكثرة ما تناوله الموضوع – التمديد من كلام على كل شفة ولسان، من ضمن كل ما قيل عن ان مرسوم الدعوة الى الانتخابات لا يعني بالضرورة اجراءها، حيث لا بد من تدابير واجراءات يصعب على الحكومة السلامية اتخاذها ليس لانها لا تريد ذلك، بل لان الغالبية مع التمديد للمجلس لانه اوفر واسلم عاقبة من كل ما عداه!
واذا سلمنا جدلا بان الانتخابات النيابية ستجري بحسب المرسوم الحكومي، فهل يمكن القول مثلا ان عندنا انتخابات وليس عندنا رئيس جمهورية يكفل تكليف من ينال اكثرية الاصوات ليحمل لقب «دولة الرئيس» ام ان الامور ستبقى على ما هي عليه من خروج على الدستور والاعراف قياسا على كل ما سبق حصوله قانونيا: اي انتخاب رئيس وتشكيل حكومة وبالتالي انتخاب رئيس مجلس نواب، الا اذا كان المقصود استمرار الرئيس نبيه بري في موقعه ومن غير مقاربة اي تعديل في هذا السياق!
لقد بدا واضحا ان ثمة لعبة تمديد تجري تحت الطاولة، وهناك اكثرية ضالعة في التحضير لها بصورة لا يرقى الشك اليها، حيث لا بد وان يقال ان كل شيء يجري بطريقة سليمة وعندها يمكن القول «وداعا يا دولة» خصوصا ان لا مجال لانتخاب رئيس جمهورية قياسا على ما هو قائم من نفور بين شبه اكثرية وشبه اقلية، فضلا عن ان الذين كانوا يتصورون ان رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد المتقاعد ميشال عون هو مرشح «فافوري» ليس لانه لم يترشح بل لانه يخاف الهزيمة في مواجهة خصمه اللدود رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي عرف كيف يترشح بل كيف يضع خطوته الاولى في قصر بعبدا بعكس الجنرال الذي لا يزال يبحث عمن يطمئنه قبل ان يحل موعد الانتخابات؟!
يبقى القول ان مرشح الحزب التقدمي الاشتراكي النائب هنري حلو غير مقتنع بانه قادر على المنافسة ومثله الزعيم الدرزي وليد جنبلاط بحسب ما دلت عليه جولات الاخير الذي لم يسمع ما يؤكد ان حلو مرغوب فيه والعكس صحيح بالنسبة الى رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية الذي لا يزال يعتقد انه قادر على المشاركة في السباق الرئاسي مثله مثل الوزير بطرس حرب الذي ترى اوساطه انه سيكون مرشحا منافسا ان لم نقل مرشح تسوية قياسا على ما لديه من علاقات داخلية واقليمية ودولية بناها منذ وقت طويل ولا يزال يركز عليها في اتصالاته!
لكن الفرق بين فرنجية وحرب، اكبر من ان ينظر اليه بمنظار داخلي بحت، طالما بقيت قوى 14 اذار وقوى 8 اذار على ما هي عليه، من غير حاجة الى تسويات جانبية لا تأخذ في الاعتبار التأثيرات الاقليمية هذا في حال كان الثقل السوري على ما هو عليه ان لجهة فرنجية او لجهة حرب، والاثنان في هذا الصدد قادران على الحركة بعكس ما يقال عن عون وجعجع، مع الاخذ في الاعتبار رصيد رئيس القوات لدى قوى 14 اذار، حيث دلت التجارب على ان لا بديل له في المستقبل المنظور حتى وان كان المقصود مبادلة مرشح بمرشح اخر؟!
وفي عودة الى المرشح غير المرشح ميشال عون، فان الدلائل تؤكد انه يخاف على نفسه من المنافسة لاسيما مع جعجع الذي ترى مصادره ان عون لو كان قادرا على ان يكون في مواجهة رئيس القوات لما تأخر لحظة، لاسيما ان حلفاءه في حزب الله وقوى 8 اذار غير قادرين على ان يكونوا «ذخيرة سياسية حية» لكثرة ما تشوب علاقتهم مع غيرهم من شوائب سياسية وغير سياسية. كما دلت التجارب في غير مكان وزمان.
من هنا يمكن القول تكرارا ان نصيب جعجع في رئاسة الجمهورية افضل بكثير من نصيب عون الذي تبدو قواه الشخصية افضل حالا من غيره، لكنها لن تصل به الى قصر بعبدا، بعد سلسلة مقايضات اثبتت فشلها، بحسب ما يقال في اوساط حزب الله تحديدا، حيث لا مجال لاعطائه اصوات من ليس بوسعهم ارضاء الرأي العام اللبناني قياسا على علاقتهم المشبوهة بالطائفة السنية عموما وبالطوائف المسيحية خصوصا؟!