لا شك في أنّ ما حدث في الموصل أعاد خلط الأوراق خصوصاً بالنسبة الى الإيرانيين الذين كانوا يقولون إنّ هلالهم الشيعي يصل الى البحر المتوسط ودولتهم تصل الى حدود فلسطين في جنوب لبنان.
إنّ تسارع الأحداث في الموصل، والطريقة التي سقطت فيها هذه المدينة العريقة ومنطقتها الشاسعة، والسرعة في حدوث ذلك، فتحت صفحة جديدة في المنطقة كلها وليس في العراق وحده… ليصح فيها ما كتبناه هنا سابقاً: «ما بعد الموصل غير ما قبلها»!
من هنا نرى أنّ الإيراني يحاول أن يرد في اتجاهين:
اتجاه عبر الحوثيين في اليمن وتحركهم اللافت هذه الأيام سواء في الداخل اليمني أم على الحدود اليمنية السعودية من تحرّش متواصل بالمملكة.
واتجاه ثان عبر عملية في قطاع غزة.
وقد تكون عملية غزة هي الأخطر بسبب ارتباطها بفلسطين التي هي القضية المركزية للعالمين العربي والإسلامي.
وبغض النظر عمن يقول إنّ إسرائيل هي التي تفتعل المشكلة متذرّعة بخطف وقتل ثلاثة مستوطنين… ومن يقول إنّها هي قد تكون وراء خطفهم ومقتلهم، فتاريخها معروف في هذا السياق… كما حدث مع سفيرها في لندن عام 1982 من اعتداء ثمة إجماع على أنّها هي التي دبّرته لتجتاح لبنان.
بغض النظر عن ذلك فقد وقعت الواقعة، وها هي المأساة تصيب أهل غزة وتوقع بينهم الشهداء والمصابين والدمار الكبير.
وإسرائيل تحوّل غزة الى حقل تجارب… بمثابة فرصة سانحة لها لتختبر فاعلية الاسلحة الجديدة التي تكون قد تلقتها… ولتختبر جدية وفاعلية «القبة الحديدية» المفترض أنّها وُجدت لتصد الصواريخ.
أمّا بالنسبة الى الحوثيين فلا شك في أنهم أعادوا «خربطة» اللعبة في اليمن وأهمية الحدث أنّه على حدود المملكة العربية السعودية.
طبعاً لا خوف على السعودية، ولكن يبقى الخوف على ما قد يحدث داخل المملكة من أعمال إرهاب كتلك التي قمعها المسؤولون السعوديون في الاسبوع الماضي.
يبقى أنّ الأميركي مرتاح جداً لهذه التطوّرات التي يشهدها العالم العربي كله… خصوصاً وأنّها تحقق له ولحليفته إسرائيل مخططهما في شرذمة المنطقة…
وتبقى نقطة مهمّة يجدر التوقّف عندها وهي أنّ «داعش» يسوّق برميل النفط (في العراق وسوريا وفي المناطق التي يهيمن عليها) بسعر يراوح بين 10 دولارات و18 دولاراً، فإذا صحّ هذا النبأ، وهو صحيح، كما أفادت مصادر نفطية رفيعة المستوى والصدقية، فهذا يعني نهباً مروّعاً للثروة العربية التي ليس من حق «داعش» ولا أي طرف آخر أن يتصرّف بها لأنّها حق صراح من حقوق الشعوب العربية، خصوصاً من حق الأجيال القادمة.