Site icon IMLebanon

ما وراء «مفاجأة – عودة» الحريري…

شكّلت العودة المفاجئة للرئيس سعد الحريري صدمةً إيجابية في الأوساط السياسية واللبنانية، فلم يكن يعلم بها سوى شخصيات لا يزيد عددهم عن عدد أصابع اليد الواحدة. فقد أملت الظروفُ الأمنية والسياسية التي عكسَتها أحداث عرسال وتردّداتها، بالإضافة إلى هبة المليار دولار السعودية، هذه الخطوةَ على عجَل. ما الذي حصَل؟ وهل ستفتح المفاجأة باباً إلى مفاجآت أخرى؟

يؤكّد الذين التقوا الحريري أو تحدّثوا إليه في الأيام القليلة الماضية أنّ مشروع عودته لم يكن وارداً إطلاقاً، فحجمُ المخاطر الأمنية المقدّرة أكبر ممّا يتصوّره أحد. كان ذلك قبل أن تقع «عملية عرسال الغادرة» باعتبار أنّها كانت الرسالة الأكثر خطورةً على الإستقرار في لبنان الذي بدأ يترنَّح، على رغم حجم الضغوط الدولية التي جعلته بقعةً آمنة في محيط مضطرب، ليبقى منفذاً أمنياً ومخابراتياً وديبلوماسياً إلى المنطقة.

فبعد أحداث عرسال وردّات الفعل التي رافقتها والمعلومات المتبادلة عمّا هو مرتقَب، انقلبَت المعطيات لدى المراجع الأمنية المحلية والدولية التي شجَّعت الحريري على العودة إلى لبنان أيّاً كان الثمن. فالحدّ الأدنى من الحماية للرجل متوافرٌ في هذه المرحلة، طالما إنّ الأهمّ من كل ذلك يكمن في وجوده في لبنان لمواكبة المرحلة واستيعاب ما يمكن استيعابه من تداعيات داخل البيت والطائفة، ولمواجهة الصدمات المتوقعة.

وفي ظلّ هذه الظروف، جاء التكليف الملكي السعودي للحريري شخصياً بإدارة هبة المليار دولار المقدّمة للأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية، لاستثمارها في مواجهة الإرهاب، والتي تقرَّرت بناءً على آراء قيادات لبنانية أوحَت بها، جوازَ السفر العاجل الى بيروت.

فاتّخِذت الترتيبات بين ليلة وضحاها، فحطَّت طائرته في مطار بيروت الدولي في ساعات الفجر الأولى، من دون أن يعلم أحد بها، حتى إنّ رئيس الحكومة تمّام سلام أبلِغ قبل ساعات قليلة بوجوده ورغبته في زيارة السرايا، فطلبت دوائرُها مهلةً لجمع الفرقة الموسيقية وفرش السجّاد الأحمر.

وعلى هذه الخلفيات، انعكسَت الخطوة مفاجأةً كبرى أوحَت لدى البعض بانفراجٍ قد لا يكون وارداً، نظراً إلى حجم المخاطر وتعقيدات المرحلة. فجُرحُ عرسال ما زال نازفاً بقوّة، وما حصل قد يتكرَّر بين ليلة وضحاها، ولا ضوابط في ظلّ النزاع الكبير الذي تعيشه المنطقة بين محوَرين يتصارعان بمختلف الأسلحة والمكائد المخابراتية التي خُصِّصت لها ملايين من الدولارات التي انشغلت في تسويقها وصرفها الشركات المالية ومكاتب الصيارفة في البقاع خلال الأسبوع الذي سبق «عملية عرسال» والأيام التي واكبتها.

وتضيف المصادر أنّ الأخطر ممّا حصل يكمن في اعتقاد البعض أنّ الظرف مناسب للبدء في ترجمة أوهامه الشخصية بالمضيّ في مواجهة سياسية وفّرت لها أحداث عرسال وتداعياتها مادة دسمة، على أساس أنّها «مناسبة قد لا تتكرّر مرّة أخرى». فهناك من يعتقد واهماً، أنّ عرسال تحوّلت مصيدة للافتراء على القيادة لأسباب رئاسية، واتّهامها زوراً بالتقصير.

وعلى هذه المعطيات، ستُبنى سيناريوهات كثيرة ومعها مفاجآت، يقول أحدها إنّ تجاوز مآسي عملية عرسال وتداعياتها على الوضع الداخلي وعلى الإستحقاق الرئاسي لا تمحوها سوى مثل هذه «العودة – المفاجَأة».