Site icon IMLebanon

متى تبدأ الجولة الثانية في عرسال؟

فيما الأنظار تتّجه الى الملفات الداخلية، وفي مقدمها ملف رئاسة الجمهورية المتعثّر. لا تزال منطقة عرسال وجرودها لجهة القلمون السورية مصدر خطر كبير على لبنان، وذلك على أبواب شتاء مُبكر هذه السنة.

يكفي لصحافي أن يزور مراجع وقيادات سياسية وأمنية ويستمع اليها، حتى يكتشف تزايد المخاوف الامنية من مخططات تمَدّد «داعش» وغيره من التنظيمات الى لبنان عبر عرسال وجرودها.

المخطط موجود منذ «الجولة الاولى»، لكنه فشل عقب اعتقال الجيش اللبناني الإرهابي عماد جمعة، والجميع يجزم بأنّ «الجولة الثانية» آتية لا محالة، ولكنه يسأل متى؟ وذلك لأسباب تتعلق بحاجة المسلحين الى منافذ وخطوط إمداد تَقيهم البرد وانقطاع السُبل في تلك الجرود والمرتفعات، ولم يعد أمامهم سوى عرسال.

قد تؤخّر قضية العسكريين المختطفين هذا السيناريو قليلاً، وقد يحاول المسلحون في المرحلة المقبلة مقايضتهم بخط إمداد مفتوح الى عرسال في فصل الشتاء، لكنّ هذه القضية تظل منفصلة عمّا يراه الجميع مُقبلاً الى لبنان، في ظلّ الحقبة «الداعشية» التي ما وصلت بلداً الّا وخلطت أوراقه الداخلية ووضعته أمام احتمالات خطيرة.

أحد المراجع السياسية الكبيرة وصفَ قضية عرسال بأنها «كعب أخيل» لبنان. ومَن يعرف هذه الاسطورة يُدرك أيّ مقتل يقصد هذا المرجع.

غالبية المراجع الامنية تفيد أنّ وضع عرسال عاد الى مرحلة ما قبل 2 آب، وأنّ المسلحين يخرجون ويدخلون بنَحو منظّم، والتقارير الواردة عن «صدام بينهم وبين أبناء البلد» غير دقيقة، فالامور تتخذ منحى جديداً في العلاقة بين الطرفين، لكنها لم تؤثر على الخيارات السياسية لأهالي عرسال.

والسيناريو المفترض يقوم على شقين:

الاوّل، محاولة المجموعات المسلحة السورية و«جبهة النصرة» وبعض ألوية «الجيش الحر» السيطرة على «عرسال» لأنها المتنفّس الوحيد أمامهم بعد سيطرة الجيش السوري وحزب الله على كل المواقع حول تلك المنطقة. فالجرود جعلت من هؤلاء المسلحين طفّارا يتنقلون بحرية في الربيع والصيف والخريف، لكنهم سيموتون تحت الثلوج اذا لم يجدوا منفذاً وثغرة ومُتنفّساً.

أمّا الثاني، فليس متصلاً فقط بحاجات المسلحين اللوجستية، فتنظيم «داعش» لديه أجندة خاصة وقد سَجّلت بعض المعلومات وفادة ألوية تابعة للتنظيم من ريف حمص الى منطقة القلمون على تخوم عرسال منذ مطلع الشهر الماضي.

وهذه العناصر تعمل على التمَدد الى لبنان والقرى الحدودية البقاعية المُتاخمة للحدود مع سوريا. وفي المعلومات ايضاً احتمال تحرّك خلايا نائمة للتنظيم في مختلف المناطق اللبنانية، بالتزامن والموازاة مع الهجمات المتوقعة انطلاقاً من الحدود لأجل إرباك الجيش والقوى الامنية وإشغالهما.

مخيمات النازحين السوريين بدورها تشكل خطراً ولغماً أمنيين. في كل يوم تعتقل الاجهزة مشتبهاً فيهم يَندَسّون بين النازحين ويدخلون ويخرجون وفي حوزتهم أسلحة وذخائر.

السؤال الابرز عند مناقشة هذه المعلومات هو حول قدرة لبنان على مواجهة هذه التحديات، في ظل انقسام سياسي، وفراغ رئاسي، واحتمال أن يصل الشلل والخلاف الى ما تبقّى من قرار سياسي.

المشهد ليس قاتماً كلياً. البعض يستنتج أنّ ما سيعقب هذا النوع المظلم من السيناريوهات، هو انفراجات كبيرة. وذلك في محاولة لتشبيه الامر بالحالة العراقية، حيث سارع العراقيون بمساعدة المجتمع الدولي والاقليمي الى اعادة تكوين السلطة، وملء الفراغات الرئاسية والدستورية لمواجهة تَحدّي الارهاب.

وفي الحالة اللبنانية، ترى أوساط متنوعة أنّ خَضّة أمنية كبرى، على غرار ما هو متوقّع في عرسال وعلى الحدود، ستؤدي الى إحراج الجميع، ودفع اللاعبين الاقليميين والدوليين الى إحاطة لبنان بعناية خاصة، تُخرجه من هذا التحدي بشيء من التوافق، والتفاهمات التي لا غالب فيها ولا مغلوب.