مع أنّ في الشأن اللبناني الكثير من شرُّ البليّة الذي يُضحك ويُبكي في آن معاً، إلا أنّ المشهد الحقيقي يُرسم الآن هناك في العراق، وفي العواصم العربيّة «النائمة» إلى الحدّ الذي دفع المفكر السياسي الكويتي الدكتور عبد الله النفيسي إلى التساؤل في تغريدة عبر تويتر: «بغداد ودمشق وبيروت سقطت في يد إيران، وأن صنعاء في طريقها للحاق بهم: «متى تتحرك السلاحف؟»، والشعوب العربيّة كلّها مدركة أنّ السَّلاحف العربيَّة لن تتحرّك، بل يذهب البعض الى التوقف عند الاحتلالات التي تناوبت على منطقة الشرق الأوسط، وعلى فلسطين والشام ولبنان والعراق منذ اجتاح المغول العالم الإسلامي ولم تتحرّك السلاحف العربية، فلا بأس بالمغول الجدد الآتين من بلاد فارس هذه المرّة إن احتلّوا المنطقة؟!
والحال على الضفة الإيرانيّة في لبنان ليس بأفضل من العراق، فإرسال أبناء الطائفة الشيعيّة ذاهبٌ إلى أقصى مداه في إفناء هذه الطائفة، ما دام فيها من يُصغي إلى كلام يُطلقه حسن نصر الله من قُبيل: «وين بدنا نودي وجهنا من صاحب الزمان (الإمام المهدي) إذا صار شي عالمقاميْن في سامراء؟»، ثمّ وفي تناقض فاضح يحاول أن يبعث الطمأنينة في نفوس سامعيه «محدودي العقل وقصيري النظر»، عندما يُطمنئهم قائلاً: «طالما هناك رجل اسمه السيد القائد [علي الخامنئي]، وهنالك مقاومة وشعب عراقي ومرجعيات دينية، لن يحصل أي شيء لمقدساتنا في العالم»!! بعض الكلام يدفعك إلى التساؤل: وماذا لو قبض الله «السيّد القائد»؟! أو ألم يكن فيكم «السيّد الخميني» وشرب كأس السم وقبل وقف إطلاق النار لينهي الحرب الإيرانية ـ العراقية بعد سقوط ملايين القتلى؟!بل أحياناً تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك؛ ألم يكن فيكم الإمام عليّ يوم صفّين وخذلتموه ثم انقلبتم عليه وكفّرتموه وقتلتموه؟! ألم يكن فيكم الحسين عليه السلام ودعوتموه وغدرتم به وأسلمتموه ثم بعد سنوات أربع ندبتموه؟!
أيّ خطاب يُجدي مع أناس غُسلت أدمغتهم، وأيّ عقلٍ سيوقف خطاب الموت الذاهب «سراعاً» في دعوة للذود عن مقدّسات، ستُجرى أنهار من الدماء تحت عنوان حمايتها في العراق؟! وأي قصر نظر عند أمثال الذين يكتبون [د أحمد الأسدي ـ 17 حزيران 2014 ـ موقع جنوب لبنان] : «ليس مع المالكي وحكومته بل إنها معـركة المصير، بين الحق وأهله وبين الباطل وأهله، نعم إنها معـركة الحسـين مع اتباع يزيد، فالحسين هو الحق وإنْ نالت منه سيـوف بني أمية، ويزيد هـو الباطل وإنْ انتشى بقتل الحسين إلى حين، ولكن في النهاية لا يصح إلا الصحيح، فها هو الحسين رايته مرفـوعـة حتى قيام السـاعة، ويزيد وأبية أصبحا في مزابل التاريخ، وكـل ما يعـرف عنهما مكان لتبول المتسكعين وسكارى الليل خلف جـامع الأمويين»!!
ماذا باستطاعتك أن تقول للذين يطبّلون ويزمّرون لحشد العنف المذهبي، ويعلنون أرقاماً خيالية تستعدّ للذهاب إلى العراق، أو يعلنون عن إنشاء «سرايا» تحمل اسم «عاشوراء» بعد تأكيد علاء الموسوي مساعد رئيس المجلس الأعلى للشؤون التنظيمية أن تشكيلها بلغ قوامها 50 ألف مقاتل من المتطوعين الذين لبوا نداء المرجعية وتوجهوا إلى مكاتب المجلس الأعلى الإسلامي العراقي في عموم محافظات العراق»!!
وبعد كلّ هذا الكلام يريدوننا أن نصدّق أن ما يحدث ليست حرباً مذهبيّة تستهدف أهل السُنّة، في العراق وسوريا واليمن ولبنان وكل أرجاء الوطن العربي الذي تمكث فيه خلايا إيرانية نائمة من شيعة تلك البلاد لتنقض على أمن البلاد وعلى أهلها!! بعد كلام حسن نصر الله الذي قاله أمام قيادات جمعية كشافة المهدي لمناسبة الذكرى التاسعة والعشرين لتأسيسها: «أقسم بالله أنه إذا ظهر الإمام المهدي الآن، له هنا في لبنان آلاف المستعدين للشهادة بين يديه. ونحن مستعدون أن نقدم شهداء في العراق خمس مرات على قد ما قدمنا بسوريا فداء للمقدسات لأنها أهم بكثير»، ماذا تقول بعد هكذا كلام غيبيّ مهدويّ يحكم لبنان منذ 8 آذار العام 2005، ربما هي كلمة واحدة تقال أمام هذه الفورة «الشيعيّة الإيرانيّة»: «أنتو حُرّين..روحوا وموتوا من أجل إيران»!!