Site icon IMLebanon

محطات على طريق الوطن الحزين

هذا ليس مقالاً في الأدب السياسي بل هو في حقيقته تقرير وجع لأننا نعيش لحظات الوجع كما لحظات الأمل على وقْعِ أحداثنا اللبنانية والعربية المريرة، ومع كل إشراقة شمس نطرح، والألم يعتصر قلوبنا، الاسئلة الكبيرة، وعلى طريقة وليد جنبلاط : إلى أين؟ إلى المجهول في طريق الوطن المذبوح؟

***

يُنحَر لبنان في كل لحظة عندما نسمع بذبحِ عسكريٍّ: بالأمس الشهيد علي السيد واليوم الشهيد عباس مدلج، وإلى المجهول في طريق الوطن المذبوح هناك عرسال الأمن المتقلِّب، النازحون والقنبلة الموقوتة.

***

في الطريق إلى الوطن التي أصبحت بمثابة جلجلة لكثرة ما واكبها من عذابات، يأخذنا غبطة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، مع بطاركة الشرق، إلى عاصمة القرار واشنطن حيث يُعقَد مؤتمر مسيحيي الشرق، وإلى نيويورك حيث الآمال معقودة على ما قد يخرج من هناك من قرارات، دعماً وخطة عمل للدفاع عن مسيحيي الشرق ولتثبيتهم في أرضهم واوطانهم بالتجاور والتلاقي مع اخوتهم في الوطنية، إذًا كل الآمال معقودة على هذه الزيارة وما ستتضمنه من طروحات، ولننتظر الخميس المقبل لنعرف ما سيقوله الكاردينال الراعي في ختام المؤتمر للزميل مارسيل غانم الذي يرافقه في هذه الرحلة الى واشنطن ونيويورك، مباشرةً على الهواء، وعليه، فهل تدفع واشنطن الكاردينال الراعي الى ان يقول فيها ما لم يقله في بيروت؟

***

في الرحلة من بيروت إلى واشنطن، قد يكون الكاردينال الراعي قد نضجت الأفكار ليُدلي بها في عاصمة القرار، فرحلةُ الخمس عشرة ساعة ستُعطيه المجال لترتيب أفكاره ولنقاشها مع رفيق الرحلة أنطون صحناوي الذي قدَّم طائرته الخاصة لرحلة الكاردينال والوفد المرافق، وهذا ليس غريباً على هذا الشاب رجل الأعمال والمصرفي اللامع والإنسانيّ الكبير وصاحب الايادي البيض في أكثر من مجال ومضمار إنساني، وهو الملتزم مسيحياً ووطنياً بمقدار التزامه سيادة لبنان وقراره الحر.

هذا الإيمان المفعم بلبنان، واداؤه حيال قضاياه، ترجمه مع فريق عمله في مؤسسته المصرفية، فجعل من مصرفه سوسيتيه جنرال مصرفًا يتقدَّم بالأعمال والأرباح بسرعة لافتة ومدروسة، خصوصاً بعدما نجح نجاحاً باهراً في تجاوز كل قطوعات ومشاكل وتعقيدات شراء البنك اللبناني – الكندي.

لم تكن هذه الإنجازات والنجاحات لتتحقق لولا عزمه ومثابرته وعمله الجدي بين بيروت وباريس ونيويورك وواشنطن لإزالة العراقيل وتفكيك الالغام وتعبيد الطريق لإعلاء شأن المصرف في بيروت مدعومًا من الادارة المركزية في فرنسا، ولولا الثقة الكبيرة التي منحه إياها حاكم المصرف المركزي رياض سلامة الذي آمن بما يقوم به أنطون صحناوي وترجَم هذه القناعة بأن قدَّم له الدعم الكامل.

***

مسيحيا ووطنياً، لم يكن أنطون الصحناوي ليُقدِّم طائرته الخاصة للكاردينال الراعي، مرافقا إياه الى واشنطن، لولا إيمانه بدور بكركي الوطني وسيدها وبما تقوم به على صعيد المسيحيين في لبنان والشرق، وهو إذ يُطل على القضايا المسيحية والوطنية الكبرى فإنه لا ينسى بيروت والاشرفيه تحديدًا حيث له ولوالده بصمات كبيرة ومُشرِّفة لا تُمحى على صُعُد الاعمال الإجتماعية والإنسانية والانمائية، مستمدًّا هذه النفحة الإنسانية وهذا القلب الكبير من والدته الأميرة مي شهاب إبنة المير عبد العزيز شهاب رحمها الله والتي كانت قدوة ومتقدة الذكاء وسريعة الظرف والحنكة والذي تنافس جمالها مع نقاوة فكرها، وهو بَرَع في هذه الأعمال متقدِّما باشواط على مَن ساير الموجة وتطفَّل على السياسة كما على القطاع المصرفي.

***

الخميس لناظره قريب، سيطل غبطة الكاردينال الراعي مع الزميل اللامع مارسيل غانم فماذا سيقول في أمسيته؟ وبعد الخميس سيكمل محطته الرعوية في بعض المدن والولايات ومنها كليفلند ثم المحطة الاخيرة في نيويورك ليعود والوفد المرافق بالسلامة، فماذا سيحمل غبطته معه إلى اللبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً، آملين ان نتجاوز القطوعات اليومية الداهمة.