فيما تتوالى الأخبار المرعبة من العراق حيث تواصل الجماعات التكفيرية في ارتكاب أشد الفظاعات الوحشية بحق المدنيين من الأقليات العراقية على إطلاقها في منطقة الموصل، انشغلت الكواليس السياسية اللبنانية بعودة رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري من بوابة عرسال وعبر مطار بيروت الدولي لا مطار دمشق الدولي إلى لبنان سيما أن هذه العودة الميمونة بعد ثلاث سنوات من الغياب تخللها حراك سياسي مكثف حمل أبعاد واضحة بحسب المراقبين والمتابعين وهي أن الرئيس الحريري ومن وراءه حلفائه الإقليميون يسعون لحجز مقعدهم في الحرب على الإرهاب التكفيري بعد أن كاد القطار يفوتهم.
إلى ذلك أكدت مصادر دبلوماسية عربية في بيروت بأن الإتصالات والمشاورات الخارجية بشأن الأزمة اللبنانية والتي حصلت أثناء وبعد الأحداث الأخيرة التي وقعت في عرسال قد أجمعت على ضرورة التحرك السريع لتطويق هذه الأحداث وتوفير كل دعم أمني وسياسي من شأنه ان يقوي الجبهة الداخلية في مواجهة الإرهاب. المصادر عينها أشارت الى أن عودة الحريري في هذا التوقيت إلى لبنان يأتي ضمن سياق تعزيز وتحصين هذه الجبهة الداخلية. مضيفة بأن الإتصالات والمشاورات الخارجية بشأن الوضع اللبناني كانت مجمعة على ضرورة توفير كل الدعم للدولة اللبنانية لدحر الإرهاب التكفيري ومن ضمن هذا السياق تأتي مسألة توفير كل سبل الدعم للجيش اللبناني الذي يعزز امكاناته وتطوير قدراته العسكرية في السلاح والعتاد الحربي الحديث بالإضافة إلى الأجهزة والتكنولوجيا الحربية الحديثة وذلك ضمن مشروع دعم دولي وإقليمي ثابت ومستمر للبنان وجيشه كي يكون الجيش اللبناني في وضع أفضل لحماية أمن واستقرار أرض وحدود لبنان في مواجهة الإرهاب التكفيري.
المصادر أضافت بأن ما جرى في بلدة عرسال وجرودها في منطقة البقاع الشمالي القريبة من الحدود اللبنانية – السورية قد حملت معها دلالات أقلقت المجتمع الدولي الذي تحرك بسرعة لدى القوى المؤثرة في الساحة اللبنانية من أجل استخدام نفوذها ومنع توسع رقعة الإرهاب التكفيري باتجاه لبنان الذي هناك حرص لدى المجتمع الدولي للنأي بساحته عن حمم براكين المنطقة التي تزداد سخونة وخطورة على وقع تمدد وتعزيز قوة الحراك التكفيري في العراق وسوريا على يد تنظيم «داعش» الذي كان لبروز اسمه في معارك عرسال أثرا ترك قلقا كبيرا عند كافة القوى المعنية بأمن لبنان واستقراره.
وفي هذا السياق، أكدت مصادر في فريق 8 آذار بأن الدعم الذي منحه الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز للجيش اللبناني بقيمة مليار دولار هو أمر مهم وضروري إلا ان هذا الدعم لا يكفي وحده لإستئصال الإرهاب التكفيري بل يتطلب حراكا مكثفا ميدانيا طليعيا على الأرض من القوى السنية المعتدلة وعلى رأسها تيار المستقبل من أجل التصدي للغزو الفكري للإرهاب الذي يستغل مناخات التحريض والإحتقان التي سادت الشارع السني في لبنان خلال الـ 3 سنوات الماضية من أجل استقطاب وتضليل العقول والقلوب في الشارع السني لتكون أحيانا حاضنة وداعمة لهذا الإرهاب الذي يشكل في الدرجة الأولى خطرا محوريا على الإعتدال السني المستهدف بقياداته وبيئته السياسية من قبل هذا الإرهاب التكفيري الذي يجد في البيئة المعتدلة عائقا اساسيا أمام توسعه وتعزيز حضوره.
المصادر أشارت الى ان المناخات الإيجابية التي أضفتها عودة الحريري لا بد من الإستفادة منها أولا في الأمن من خلال تعزيز أواصر التضامن والتكافل الوطني الشامل في مواجهة الإرهاب سيما أن الملفات السياسية الأخرى على أهميتها، إلا أن إيجاد الحلول الناجعة بشأنها سيبقى بشكل مباشر أو غير مباشر متأثرة ومرتبطة بالوضع الإقليمي وتطوراته العسكرية والسياسية على أكثر من ساحة مشتعلة.مضيفة بأن انتصار الجيش في عرسال وعودة الحريري إلى لبنان لا يعني أبدا أن لبنان بشعبه وجيشه ومقاومته قد اصبح بمنأى عن هذا الخطر سيما أن البؤر والخلايا الإرهابية مازالت موجودة داخل لبنان وعلى حدوده التي لا تزال تشهد حراكا مستمرا للمجموعات المسلحة الإرهابية التي تشكل خطرا داهما مستمرا على كافة المناطق والمدن والقرى اللبنانية المتاخمة للحدود اللبنانية ـ السورية خصوصا أن هناك معلومات أمنية متداولة تبعث على القلق والخوف من تكرار سيناريو عرسال مع قرى لبنانية أخرى في البقاع الذي سيبقى في دائرة الخطر طالما أن الخطر الإرهاب المتنامي والممول والمسلح والمدعوم عسكريا وأمنيا من قبل بعض دول المنطقة لا يزال موجودا وبقوة في سوريا عموما وفي المناطق السورية القريبة من الحدود اللبنانية خصوصاً.
المصادر أضافت بأن الدعم المادي المخصص للجيش اللبناني من دون أدنى شك سيعزز امكانات وقدرات الجيش والقوى الأمنية اللبنانية في تعزيز الأمن والإستقرار وفي مواجهة الإرهاب التكفيري المتفشي في محيط لبنان وجواره والذي وصلت عدواه بعض الشيء إلى الجسم اللبناني، إلا أن هذا الدعم المادي للجيش لا بد أن يواكب بدعم سياسي حاضن للجيش والقوى الأمنية على مساحة كل لبنان سيما أن الجيش وان كان قد خرج منتصرا بأقل الأضرار من معركة عرسال ضد الإرهابيين إلا أن الحرب الإرهابية التي تشن على لبنان لا تزال مستمرة…وهناك جنودا لبنانيين لا يزالون رهائن بيد المسلحين الإرهابيين وهناك واجب وطني وأخلاقي وسياسي يفرض على جميع القوى السياسية أن تستخدم نفوذها وعلاقاتها الخارجية للمساهمة في تحرير الرهائن العسكريين سيما أن هناك دول عربية لديها بطريقة أو بأخرى مونة أو علاقة في مكان ما مع هؤلاء المسلحين الإرهابيين…بحيث أنه على الرئيس الحريري وفريقه السياسي أن يتحركا باتجاه الخارج كما فعل سابقا مع مخطوفي اعزاز حيث جرى التواصل مع تركيا وقطر من أجل اطلاق المخطوفين واليوم هناك حاجة إلى تكرار هذا الحراك في سبيل إطلاق سراح العسكريين المخطوفين الذي يجب على الدولة اللبنانية بكافة إداراتها وأجهزتها أن تتحرك بسرعة وبكل الإتجاهات المحلية والخارجية من أجل اطلاق سراح هؤلاء العسكريين بأسرع وقت ممكن.