لبنان مُقبل على تمديد حالة الترقّب والإنتظار بفعل إنشغال العالم بمحاربة «داعش» بالعراق
مخاوف من محاولات لإستعمال الساحة اللبنانية للردّ على إستبعاد إيران وحلفائها من التحالف
المرحلة التي قد تستغرقها عمليات «التحالف» المرتقب ضد تنظيم «داعش» الإرهابي قد تكون على مرحلتين، الأولى بالعراق والثانية ستشمل سوريا وتكون الأصعب
يرى وزير بارز في الحكومة أنه في ظل غياب الحلول السياسية وفشل المحاولات المبذولة لانتخاب رئيس للجمهورية بفعل التعطيل المتعمّد لهذا الاستحقاق المهم من قبل «حزب الله» وحلفائه تحت حجج وذرائع واهية، بات على اللبنانيين التعايش مع الواقع السياسي والأمني المترجرج حالياً لمرحلة مقبلة وطويلة نسبياً بفعل انشغال الدول العربية المؤثرة والدول الكبرى بمجريات الأحداث والتطورات الدراماتيكية في العراق تحديداً وبعدها سوريا في الوقت الحاضر وسبل مواجهة ظاهرة تنظيم «داعش» الإرهابي وكبح جماح تمدده، وهذا يفرض على كافة المسؤولين في السلطة من مسؤولين سياسيين وعسكريين وأمنيين وغيرهم تحضير أنفسهم لمزيد من تداعيات ومؤثرات الأحداث الجارية في المنطقة على لبنان والتحسّب لمحاولات استهداف الأمن والاستقرار وإشاعة الفوضى في مختلف المناطق اللبنانية.
ويستند الوزير البارز في توقعاته التشاؤمية هذه لانحسار الاهتمام المطلوب بالوضع اللبناني عربياً ودولياً حالياً وتوجيه الجهود كلها باتجاه الحدث العراقي على وجه الخصوص وما يستلزمه من تحضيرات سياسية وعسكرية، بدءاً من تشكيل حكومة وحدة عراقية تجمع كافة مكونات الشعب العراقي ولا تقصي أحداً خلافاً لما كانت عليه حكومة نوري المالكي السابقة، بالتزامن مع التحرك الدولي والعربي الجاري لإنشاء تحالف يدعم بفاعلية التحركات العسكرية العراقية للقضاء على تنظيم «داعش» في العراق أولاً، ومن ثمّ ملاحقته الى داخل الاراضي السورية حيث يحتفظ حالياً بالسيطرة على مناطق شاسعة ومساحة كبيرة من الاراضي والعديد من المواقع المحصنة وذات التسليح الجيد، لانه لا يمكن محاربة هذا التنظيم الارهابي المتشدد والخطير في العراق وحده وتركه على حاله في سوريا، وإلا تذهب كافة الجهود سدى، ولذلك يجب ان تشمل عمليات ملاحقته كل اماكن ودول تواجده بلا استثناء.
ويتوقع الوزير المذكور ان تستغرق عملية التحضير لمواجهة تنظيم «داعش» سياسياً وعسكرياً على النحو الجاري حالياً بضعة اشهر اضافية، وهذا يعني عملياً بقاء لبنان بوضعية الانتظار لما ستسفر عنه حرب «التحالف» العربي والاقليمي والدولي المنتظر، مع ما يمكن ان يتخللها من مفاجآت وتوقعات غير منتظرة وتأثيراتها الاقليمية على المنطقة ككل ولبنان من ضمنها، لا سيما وان التحضيرات الجارية لانشاء التحالف المرتقب تستثني من صفوفها حتى الآن كما يبدو اكثر من دولة وطرف وفي مقدمها روسيا وايران ونظام الاسد وبالطبع «حزب الله» الذي يجهد لكي يقدم نفسه كما النظام السوري، بانه رأس حربة في مواجهة ارهابيي تنظيم «داعش» وان مشاركته بالحرب في سوريا موجهة ضد هذا التنظيم خلافاً للواقع والحقيقة، كما يعلم القاصي والداني بذلك وقياساً على العمليات العسكرية والاعتداءات التي قام بها الحزب للدفاع عن نظام الاسد الديكتاتوري في مواجهة انتفاضة الشعب السوري ضده منذ اكثر من ثلاث سنوات تقريباً.
ويخشى الوزير البارز من ان تستغل بعض الدول والاطراف المستبعدة من التحالف المزمع انشاؤه لمحاربة تنظيم «داعش» الارهابي بقيادة الولايات المتحدة الاميركية، الى ردة فعل بشكل مباشر او غير مباشر انطلاقاً من الساحة اللبنانية التي استغلها «حزب الله» منذ نشأته في اوائل ثمانينات القرن الماضي لتنفيذ عمليات مستترة وتحت مسميات وهمية لحساب إيران من أجل إعاقة جهود التحالف المذكور أو في محاولة لإظهار مدى قوة ونفوذ نظام طهران في لبنان والمنطقة، وإن كان ذلك لا يزال في إطار الاستنتاجات والتوقعات في الوقت الحاضر، الا انه يبقى من الاحتمالات السلبية المطروحة، وما يمكن أن يكون عليه الوضع في لبنان طوال مرحلة حرب «التحالف» على تنظيم «داعش» في المنطقة، في حين أن ممارسات الحزب بالداخل اللبناني وتحريكه المستتر للنقابات وغيرها ضد الحكومة تؤشر لنوايا غير محمودة وتداعيات قد تشهدها الساحة اللبنانية لا سيما بعد ان ظهرت بوادر غير مريحة من قبل الحزب ضد سياسة الحكومة في التعاطي مع هجوم التنظيمات الإرهابية المسلحة على بلدة عرسال وجوارها مؤخراً، استناداً إلى مواقف وتصرفات العديد من مسؤولي الحزب وحلفائهم وتصاعد انتقاداتهم المبطنة وغير المباشرة لأداء الجيش اللبناني بهذا الخصوص، لفشلهم في الزج بالجيش ضد ابناء عرسال بعد عجزهم عن القيام بهذه المهمة بأنفسهم في اكثر من مناسبة.
ومن وجهة نظر الوزير البارز فان المرحلة التي قد تستغرقها عمليات «التحالف» المرتقب ضد تنظيم «داعش» الارهابي ليست قصيرة على الإطلاق وقد تكون على مرحلتين، الأولى بالعراق كما هو ظاهر من الاستعدادات الجارية، في حين ان المرحلة الثانية التي ستشمل سوريا قد تكون الأصعب نظراً لطبيعة الأرض الوعرة نسبياً عن العراق وفي ظل وجود أطراف عديدة تقاتل بعضها البعض، في حين أن بقاء «حزب الله» ومشاركته بالقتال في سوريا حتى ذلك الحين، سيبقي لبنان معرضاً لتداعيات ما يجري ومؤثراته السلبية على أكثر من صعيد، والوضع فيه مشرعاً على كافة الاحتمالات، الأمر الذي يفرض على المسؤولين التحسب لما هو آت والتصرّف بكثير من الحكمة والمسؤولية في آن واحد.