Site icon IMLebanon

“مدلّلون” في زمن الدواعش؟

كان ثمة أمل لدى المسيحيين اللبنانيين عموما ان توفر عليهم الجهات السياسية المسؤولة عن تعطيل الانتخابات الرئاسية عشية مرور شهرين من الفراغ الرئاسي العودة الى مسالك عقيمة يجري استحضارها مجددا في افتعال توترات تتخفى وراء عصبيات مسيحية في الصراع الدائر على الرئاسة. ذلك انه بصرف النظر عن عقم هذه الاستعادة في التعمية عن تعطيل الانتخابات الرئاسية فهي تشكل اثباتا جديدا على سوء الحسابات الذي اكتنف ويكتنف باستمرار إدارة معركة سياسية تديرها الجهات المعطلة للاستحقاق وتمعن عند كل مفصل في السقوط تكراراً في جر المناخ الداخلي الى تداعيات اخفاق تتحمل وحدها تبعته.

مع ذلك ليس المقام هنا لتقويم هذه الظاهرة بل للانطلاق منها الى التحذير من مغبة سوء القراءات المسيحية عموما للتطورات الاقليمية الجارية ولا سيما منها بشاعات المآسي الجارية في تهجير المسيحيين العراقيين من الموصل. ونقول سوء القراءات لأننا نخشى الانطباع الغالب على المواقف المسيحية الذي يوحي بان أصحابه لا يزالون متمترسين عند مجرد نواح وبكاء وحتى غضب كلامي حيال داعشية جاهلية عمياء تقوّض أعتق حضور مسيحي وأعمقه رسوخا في العراق فيما لا نرى اي ملمح عملي لتدارك زحف هذا الخطر الانقراضي في اتجاه لبنان.

يظن مسيحيو لبنان انهم لا يزالون في منأى عن خطر الأصوليات بمختلف تلاوينها بفعل خصوصيات لبنان التي تلفظ بنسيجها الأصلي وبتركيبة لبنان التعددية كل نزعات تدميرية مماثلة. هذا “كان” صحيحا ويمكن ان يبنى عليه متى تبدلت أنماط التعامل السياسي المسيحي مع الازمات الداخلية في الدرجة الاولى وليس مجرد الالتحاق بجوقة البكائيين على الحضور المسيحي في الشرق فقط. لعله يتعين على المسيحيين اولا ان يتمعنوا في قراءة ما هو ابشع من ممارسات محو الحضارة المسيحية في العراق اي الخبث الدولي المريع الذي ترك حضارة عريقة تتهاوى تحت ضربات جاهلية تكفيرية. فهل يظن مسيحيو لبنان بعد هذا ان منصب الرئاسة اللبنانية سيشكل لعالم بهذا الانهيار الأخلاقي هاجساً وهمّاً واولوية ان لم يبدلوا مسالكهم المتكلسة المتحجرة ويبادروا الى إنقاذ رمز حضورهم الاول في الشرق؟

يظن مسيحيو لبنان ان تحالفاتهم السياسية وحاجة الآخرين الى غطاءاتهم وتلاوينهم ومواقعهم ستبقي لهم مكانة الحبيب المدلل بما يحتم في النهاية اعادة الاعتبار الى المنصب الشاغر والحضور البراق. لكن هل بعد شهرين من الفراغ لا تزال المهابة على مهابتها، ام تراهم لا يعرفون او انهم يتجاهلون ما يقال في الكواليس عن مسيحيين أنانيين قاصرين لا يتقنون قراءة تجاربهم العتيقة والحديثة والاتعاظ منها؟

وأخيرا هل تراهم لا يدركون الهول الذي يحاصر المسلمين أنفسهم في مد مذهبي مرعب لن يقوى هؤلاء معه على درء الأخطار عن أنفسهم فكيف بالمسيحيين؟