Site icon IMLebanon

مرة أخرى، وأخيرة

لم يتح تورط “الحزب المتسلط” في دور اقليمي قاتل أكبر منه، أن يُكثر، هذا العام، من التهليل لحرب تموز 2006، التي نجح في الصمود خلالها، في وجه العدو الاسرائيلي، بأكلاف عالية، معنوياً ومادياً، بدليل تهجير نحو مليون لبناني من الجنوب، واعادة إعمار بأكثر من4 مليارات دولار.

لكن انشغال الحزب بتشييع مقاتليه الذين يقضون في سوريا، لم يمنعه من تحريك أقلام وألسن للتذكير بأدبياته، ومنها زعم الانتصار، واتهام 14 آذار بالعمل على “انهاء المقاومة”. واللافت ان “ترنيماته”المعتادة، قفزت، هذه السنة، عن الاتهامات بالعمالة والخيانة، ليستعيض عنها بدعوة 14 آذار الى “مراجعة ذاتية”، واعلان “فشل هدفها المركزي، وهو انهاء المقاومة ونزع سلاحها”.

ربما، على 14 آذار ان تذكر الحزب بمراجعة ادبياته إبان الحرب، أولا، واستعادة الظروف الاقليمية، تحديداً التي أدت الى فرضها، وأبرزها رفض ايران “العرض” الاوروبي للحل، والذي وصفه الرئيس الاميركي جورج بوش بالسخي، وهدف الى اقناع طهران بوقف التخصيب النووي، وإلا المزيد من العقوبات.

فشل التفاوض قبيل الحرب، وكان الرد الايراني فتح جبهة الجنوب في حرب كان الأمين العام للحزب نفسه استبعدها، وهو أمر بات مفهوما وواضحاً بعد مجاهرته، أخيراً، بتنفيذ توجيهات الولي الفقيه، “بلا مراجعة منطق ولا قانون”، وفق قوله. (ألا تذكر صواريخ كتائب القسام والجهاد الاسلامي اليوم من غزة، بعملية الخط الازرق، فيما يترنح التفاوض النووي بين ايران ومجموعة الـ5+1؟).

ربما على الحزب أن يقوم بمراجعة ذاتية قبل ان يدعو الغير اليها، ليتنبه الى ان ما يريده جمهور 14 آذار ليس إنهاء المقاومة ونزع سلاحها، بل منعه من انهاء الدولة اللبنانية وإلغاء قرارها، بدليل تخطيه الحدود اللبنانية، ليس لمهاجمة اسرائيل وتحرير القدس، بل لمشاركة نظام مفلس في الاعتداء على شعبه، سواء في سوريا او في بلاد ما بين النهرين.

لم يحل قتل الابرياء بالبراميل دون خيانة الحزب ادبياته الدينية في رفض الظلم، ونصرة المظلوم، ولم يحرك ارتفاع عدد الضحايا أي شعور لديه بالذنب والارتداع. ألم يخجل الحزب من ضآلة عدد ضحايا الاعتداء الاسرائيلي على غزة أمام عِظم عدد ضحايا النظام السوري؟

ربما هذه المقارنة هي ما دفع بالخارجية الفرنسية الى دعوة تل أبيب كي تكون “ألطف” في عملياتها العسكرية ضد غزة، بدل أن تدينها بقوة، فيما ساعدت الصفاقة وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم على القول، عبر تلفزيون الحزب، “أن لا أحد يستطيع كسر شوكة الشعوب”، بينما دان بيان وزارته “مجزرة قتل فيها 15 فلسطينيا”، كأنما لا شعب في سوريا، وأن براميل الكلور تلقى لحماية البيئة.

ذكرى “حرب تموز” مناسبة ليتصالح الحزب مع المقاومة، ومع الشعب اللبناني…ومع عقيدته الدينية.