في اليوم العاشر للعدوان الإسرائيلي على غزة وعلى رغم الثمن الباهظ الذي يدفعه أطفال غزة وأهلها من دمائهم، لا يبدو افق الحل السياسي قريباً على رغم بدء المحادثات لوقف النار في القاهرة.
عسكرياً، لم تنجح إسرائيل على رغم مئات الغارات الجوية الإسرائيلية في كسر صمود “حماس” التي حافظت حتى الدقائق الأخيرة التي سبقت الهدنة الانسانية أمس على مواصلة قصفها الصاروخي، واستمرت في تنفيذ عملياتها النوعية للتسلل الى داخل إسرائيل.
وعلى رغم الانجازات التي حققتها القبة الحديد منظومة الصواريخ الاعتراضية في حماية المدن الإسرائيلية والتي قلصت الى حد كبير الخسائر البشرية وزرعت شعوراً بالثقة لدى الإسرائيليين وعززت منعتهم، فان الجيش الإسرائيلي لم يستطع خلال الايام العشرة الأخيرة تحقيق الحسم العسكري أو الاقتراب منه مما يجعل هذه المواجهة مرشحة للاستمرار.
سياسياً، وعلى رغم تراجع مكانة “حماس” جراء عزلتها السياسية وضائقتها الاقتصادية، فهي لا تزال تتمسك بشروطها لوقف النار. وبعد رفضها الاقتراح المصري الأول الذي اعتبرته مهيناً، ها هي اليوم تبحث مجدداً مع المصريين في صيغة جديدة تلبي مطالبها. وعملياً، سيكون للصيغة التي سيتم التوصل اليها تأثير حاسم على مستقبل سلطتها في غزة، ولا سيما اذا لم يؤد هذا الاتفاق الى رفع الحصار عن القطاع وفتح معبر رفح واطلاق المحررين في صفقة شاليت الذين اعادت إسرائيل اعتقالهم في الاسابيع الأخيرة. من هنا ان المواجهة التي تخوضها “حماس” على هذا الصعيد ستكون صعبة وقاسية، خصوصاً ان الوسيط المصري ليس طرفاً محايداً بالنسبة اليها وهي تفضل عليه الوسيط القطري او التركي.
بالنسبة الى إسرائيل، إن شروطها للهدنة هذه المرة، اكثر تشدداً وتعقيداً. فثمة رفض إسرائيلي واسع لاتفاق شبيه بالاتفاقات السابقة يضمن التهدئة فترة محددة من الزمن ولا يحل المشكلة جذرياً، وهذا غير متيسر من دون حسم عسكري واضح ضد “حماس”. كما تعلم إسرائيل ان اي موافقة على شروط “حماس” معناها القضاء على الجهود التي بذلتها لضرب الحركة عسكرياً وتدجينها سياسياً، والحؤول دون اعادة بناء قوتها لاحقاً. ولكن من جهة أخرى لا تستطيع إسرائيل ألاّ تستجيب للضغوط الدولية والاقليمية وترفض الدخول في مفاوضات وقف النار لانها بذلك ستفقد السكوت الدولي عن عملياتها العسكرية التي بدأت تثير احتجاج الغرب جراء قتل الجيش الإسرائيلي اطفالاً في غزة.
تسعى إسرائيل الى استغلال الوساطة المصرية لإظهار انفتاحها على الحل السياسي، لكنها في الوقت عينه تواصل استعداداتها لتوجيه مزيد من الضربات المؤلمة الى “حماس”، وتحسين شروط المفاوضة على نزع سلاحها الصاروخي.