عانت المدارس والمعاهد والجامعات على انواعها من اسوأ سنة دراسية، ظنا من هيئة التنسيق النقابية انها قادرة على اركاع اداراتها ومسؤوليها، والدولة سعيا وراء تحسين الأجور الى حد البحث مجددا في اعادة النظر في سلسلة الرتب والرواتب بشكل كان بعضهم يعتقد ان بوسعه الحصول على ما يطالب به على حساب ساعات التدريس وعلى حساب المصلحة العامة والخاصة!
صحيح ان هيئة التنسيق النقابية عرفت كيف تتصرف بعكس ما كان الاتحاد العمالي العام يفعله، نظرا لارتباطها بالالاف من التلاميذ والجامعيين، وقد توصلت الهيئة بالفعل الى الحصول على تنازلات من الدولة لصالح بعض افراد الهيئة التعليمية بشكل مضاعف للرواتب التي كان الاساتذة يتقاضونها، وبشكل اعطى الانطباع بان المدارس والجامعات قد تحولت الى بؤر سياسية ومطلبية، خصوصا بالنسبة للارقام التي حصلت نتيجة تنازلات من الدولة جراء ما قبلت به في مجال القطاع العام الذي تزثر به الى حد كبير القطاع الخاص بنسبة راوحت بين ثلاثين وخمسين في المئة؟!
اما المفارقة التي حالت دون دفع الرواتب الجديدة فهي الطريقة التي تصرفت بها هيئة التنسيق، ساعة بحق النواب وساعة بحق الحكومة وساعات بحق مجلس النواب، مع العلم ان الضربة الاخيرة التي اقدم عليها وزير التربية الياس بو صعب جراء تهديده باللجوء الى الافادة المدرسية، في حال استمرت مقاطعة تصحيح الامتحانات، وهذا ما حصل وادى بالتالي الى تراجع هيئة التنسيق وقطاع المدرسين عن مقاطعاتهم، وفي الحالين ادى التهديد باستخدام الافادة الى انقسام في قطاع التعليم، ليس لان الدولة تراجعت عما وعدت به بل لتعذر انعقاد مجلس النواب لاقرار سلسلة الرتب والرواتب!
ان تراجع بعض المعلمين عن قرار مقاطعة تصحيح الامتحانات جاء بمثابة ضربة معلم من جانب بعض الاساتذة الذين تأكد لهم ان اقرار السلسلة مسألة وقت ليس الا، في حين استمر الاخرون في مقاطعتهم طمعا بالحصول على اقرار فوري للسلسلة حتى وان كان المقصود جمع مجلس النواب بوجه غير حق، حيث المقاطعة النيابية عائدة الى مشكلة عدم انعقاد المجلس بسبب تأخر اقرار انتخاب رئيس الجمهورية، فيما نالت هيئة التنسيق موافقة شبه اجماعية على اقرار السلسلة، وهي من الامور المتفق عليها سياسيا، بعكس ما كان عليه تصرف الاساتذة الذين كانوا ولا يزالون يتطلعون الى ان تركع الدولة في حال لم تقر السلسلة، لاسيما ان مجلس النواب كان عليه بدوره ان يقر «قانون الافادة»، غير ان هيئة التنسيق قد تراجعت عن تصلبها بعدما عرفت ان لا مجال لان تقبض الرواتب التي طالبت بتصحيحها (…) بمجاراة من موظفي القطاع العام حيث تصبح الافادة شبه شاملة!
ان تأخر بعض الكتل النيابية عن جلسة اقرار السلسلة عائد كما سبق القول، الى مقاطعة بعضهم الانتخابات الرئاسية، فيما يعرف الجميع ان المجلس النيابي لم يتأخر وقد لا يتأخر عن اقرار السلسلة الا لارتباطها بجلسة الانتخابات الرئاسية، من هنا يجب النظر الى الموضوع ليس على اساس فشل هيئة التنسيق بخطوة تصحيح الانتخابات، بل لان هناك فريقا من الاساتذة عاد واقر بصوابية التصحيح نزولا عند القناعة القائلة ان من الواجب تصحيح الامتحانات لما في ذلك من مصلحة عامة، والعكس صحيح لان تصحيح الامتحانات واجب وطني واخلاقي من الضرورة العمل بموجبه!
في النتيجة، لا تبدو هيئة التنسيق قد فقدت بريقها كقطاع نقابي فاعل، لانها حققت ما سبق للاتحاد العمالي العام ان فشل في الوصول اليه، فيما تبقى مشكلة الرواتب والامور عالقة في المدارس والمعاهد والجامعات الخاصة التي تجد نفسها مضطرة لان تدفع الزيادة في الاجور مثلها مثل القطاع العام، وهذا مستحيل قياسا على المؤشرات التي ظهرت منذ مطلع الحديث عن الزيادات التي طالبت بها هيئة التنسيق النقابية من غير تدخل يذكر من الاتحاد العمالي العام الذي يقف عاجزا عن مساواة نفسه بهيئة التنسيق طالما ان الزيادة المرتقبة محددة في مجالات دون اخرى قياسا على ما صدر من مؤشرات حتى الان؟!