Site icon IMLebanon

معركة «القوّات» مع «التيار»: النيابة بعد الرئاسة

تستمرّ حرب «شدّ الحبال» أو ربط النزاع أو تنظيم الخلاف بين «8 و14 آذار» على أكثر من مستوى، بدءاً من قتال «حزب الله» في سوريا وصولا إلى تعطيل الانتخابات الرئاسية، حيث فشلَ مجلس النوّاب في انتخاب رئيس للجمهورية للمرّة التاسعة على التوالي، فيما يخطو التمديد للبرلمان خطوات عملية ليصبح أمراً واقعاً.

إنقسَمت الآراء في الساحة اللبنانية عموماً، والمسيحية خصوصاً، بين مُطالب بانتخابات الرئاسة أوّلاً أو الانتخابات النيابية أوّلاً. إلّا أنَّ حديث رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع خلال مؤتمره الصحافي الأخير في معراب بعد جلسة الانتخاب التاسعة، عن ميله إلى القبول بالانتخابات النيابية، أثار جدلاً لأنّه لاقى موقف رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون الداعي إلى تبدية الانتخابات النيابية على الرئاسية، ليعيدَ تكرار سيناريو مشروع «القانون الأرثوذكسي». فهل خرَج جعجع من تحت جناح بكركي التي تدعو إلى انتخابات الرئاسة أوّلاً، وهل هو مستعدّ لخوض معركة انتخابية وتحدّي التيار العوني؟».

وفي هذا السياق، توضح مصادر قواتية لـ«الجمهورية» أنّ كلام جعجع لا يعني أبداً الخروج من تحت سقف بكركي، بعد تأكيده ضمَّ جهوده إلى جهود البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لإجراء الانتخابات الرئاسيّة في أسرع وقت ممكن»، نافيةً «الاتّفاق مع عون على أسبقيّة الانتخابات النيابية قبل الرئاسية»، مشيرةً إلى أنّ «كلامه جاء واضحاً وصريحاً، ولا يَتناقض مع موقف الرئيس سعد الحريري الرافض إنجازَ أيّ استحقاق قبل الانتخابات الرئاسية التي ربطها بالانتخابات النيابية حرصاً على المسيحيين والموارنة خصوصاً، واللبنانيين عموماً».

وتُشدّد المصادر على أنَّ «موقف جعجع يصبّ في خانة تسهيل الاستحقاق الرئاسي في ظلّ الانقسام السياسي القائم»، مشيرةً إلى أنّ «طرح عون الأخير، يتناقض مع ما يطرحه كلّ من الرئيس نبيه برّي، باعتباره رأسَ حربة قوى «8 آذار»، والحريري كونه العمودَ الفقري لقوى «14 آذار»، اللذين يطالبان بأولوية انتخاب رئيس للجمهورية».

وتؤكّد المصادر أنّ «جعجع يصرّ على احترام كلّ الاستحقاقات الدستورية، مع التقيّد الصحيح بالتوقيت، لأنّ الحلّ الوحيد يكمن في توجّه النواب إلى المجلس وانتخاب رئيس جديد»، لافتةً إلى أنّ جعجع «يبني على الشيء مقتَضاه»، وهذا يعني أنّه إذا عجزنا عن التوصّل إلى حلّ للأزمة الرئاسية واستمرّ الجمود في هذ الملف، وبالتالي وصلنا إلى موعد الانتخابات النيابية في غياب رئيس للجمهورية، يمكن عندها إجراء الانتخابات بدلاً من تأجيلها».

وعلى رغم فتح باب الحوار بين «التيار الوطني الحرّ» وتيار «المستقبل»، تنفي المصادر وجود «حوار مماثل بين «القوات» و»التيار»، مشدّدةً على أنّ «جعجع أعطى رأيه الشخصي في موضوع الانتخابات النيابية في حال فشلَت المساعي لإجراء الانتخابات الرئاسية أوّلاً، لكنّه لم يقصد إحراجَ قوى «14 آذار» ولا الوقوفَ في صفّ عون الذي لم يحترم الاستحقاق الرئاسي، ويتهرَّب منه عن سابق تصوّر وتصميم باقتراح إنجاز استحقاق آخر، بهدف الوصول إلى سدّة الرئاسة». وتضيف: «عون رفضَ حلولاً عدّة للانتخابات الرئاسية اقترحَها جعجع، وتكتّلُه يشكّل العامل الأوّل في تعطيل الانتخابات الرئاسية، يليه «حزب الله».

وتعتبر المصادر أنَّ «حظوظ عون في الوصول إلى الرئاسة أصبحت ضئيلة جداً بصرفِ النظر عن أيّ صفقةٍ قد تحصل وتصبّ في مصلحته»، معتبرةً أنّ «التغيير يجب ألّا يكون في آليّة ترشيح الرئيس إنّما بتوافق الأطراف المسيحية خصوصاً واللبنانيين عموماً من أجل انتخاب رئيس».

وعدّدت المصادر أربعة أسباب تجعل القوات متقدّمة على التيار انتخابياً:

أوّلاً، وضعية القوات الذاتية اختلفَت بين عامي 2009 و2014، إنْ لجهة التنظيم والكودرة، أو لجهة المراكمة السياسية.

ثانياً، المزاج المسيحي العام الذي هو خارج 8 و14 آذار يتعاطف اليوم مع القوات التي ظهرت، بالنسبة إليه، قوّة تسهيل في الانتخابات الرئاسية، فيما ظهر التيار العوني قوّة تعطيل، فضلاً عن أنّ هذه الشريحة التي تُحمِّل العماد عون مسؤولية الفراغ في الرئاسة الأولى تعتبر موقع رئاسة الجمهورية حجرَ الزاوية على مستوى الشراكة المسيحية-الإسلامية.

ثالثاً، موقف بكركي الحازم ضدّ القوى المعطلة للانتخابات الرئاسية، وفي طليعتها التيار العوني، ومن المعلوم حجم الشرائح المسيحية التي تؤيّد موقف الكنيسة المارونية.

رابعاً، موقف العائلات المسيحية التي تدور في فلك القوى الأمنية والتي تعتبر أنّ لديها مرشّحَها الخاص ومن مصلحتها إضعاف عون نيابياً.

وقالت المصادر إنّه لكلّ هذه الأسباب وغيرها تجد القوات نفسَها في موقع المؤيّد لإتمام الانتخابات النيابية في توقيتها الدستوري، خصوصاً أنّها قامت بالمستحيل من أجل إتمام الانتخابات الرئاسية في مواعيدها الدستورية، ولم توفّر مبادرة إلّا وأطلقتها لهذه الغاية، ولكن لا حياة لمن تنادي، لأنّ الفريق المعطّل متمسّك بمعادلته الكارثية على المستويين المسيحي والوطني: إمّا أنا أو الفراغ.

وعلى رغم أنّ التمديد لمجلس النواب يسير بخطى ثابتة، تؤكّد المصادر إصرارَها على إنجاز الاستحقاق في وقته، رافضةً التمديد «المنافي لأبسط حقوق الشعب والديموقراطية».