يُنقل عن الجنرال ميشال عون أنه يتوقع مفاجأة في الأيام القليلة المقبلة تؤدي الى وصوله الى سدة الرئاسة الأولى. وثمة في محيطه العائلي من ينقل عنه قوله إنه بحلول السادس والعشرين من أيار الحالي، سيتقبل التهاني رئيساً للجمهورية في بعبدا! ويذهب بعض الغلاة من مؤيديه والمحيطين بأفراد عائلته من الذين نلتقيهم في مناسبات اجتماعية، الى القول إن كل العدة أعدّت بالتفاصيل على الصعيد اللوجيستي، تحضيراً لانتخاب عون رئيساً، وما سيلي ذلك من مناسبات!
وبغض النظر عن حقيقة الأمر أو مبالغة المحيطين بالجنرال عون، لا بد من القليل من المنطق والعقلنة لفهم الواقع المختلف، تماماً عما يتم الترويج له، إما نتيجة للحماسة الزائدة من المحبين، وإما في إطار البروباغاندا والحرب النفسية على القوى المترددة التي يهمها أن تنقل البندقية من كتف الى كتف في الوقت المناسب، أو حتى في سياق التحضير لعودة الجنرال عون الى سابق عهده من الصدامية مع القوى الاستقلالية متى تيقّن أنه لن يحظى بتأييدها في المعركة الرئاسية، وتالياً لن يكون رئيساً لا توافقياً ولا حتى بالغلبة في صندوقة الاقتراع. والحق يُقال، ان لا جديد في الأفق يفيد بأن عون صار توافقياً وأنه أعاد التموضع فعلياً بما يسمح له بتقديم نفسه رئيساً توافقياً خارج التحالفات السابقة التي قسّمت البلاد عمودياً. بمعنى أدقّ، يحتاج ميشال عون المرشح للرئاسة الى خطوات كبيرة، لا بل ماردية (نسبة الى المارد) كي ينزع عنه صورة مرشح التحدي المنتمي الى تحالف سياسي يقوده من الناحية العملية “حزب الله” الذي يناصب نصف لبنان العداء، ويصنفه هذا النصف أو أكثر مصدر التهديد الأول للكيان والنظام والاستقلال والدولة والأمن والقانون في البلاد. فهل من جديد يقدمه المرشح ميشال عون يمكن البناء عليه في ما عدا الغزل الإعلامي والسياسي التكتيكي؟ هذا سؤال في العمق لا يكتفي بالسطحيات، ولا يتأثر أصحابه بتهويل قادة “حزب الله” على منابر الحسينيات، حيث يستمر تشييع قتلى التورّط في سوريا دونما حسيب ولا رقيب!
نحن لا نغلق الباب أمام أي تفاهمات تكتيكية، أو حتى أمام انعطافات جذرية يقدم عليها الجنرال عون، بل نشجعه على إبراز وجه جديد مغاير لتسع سنوات من الانخراط الكبير في تحالف يقوده “حزب الله”، ومَن ورائه من طهران الى قصر المهاجرين في دمشق. .
اذا كان العماد عون يتحرّك على أنه مرشّح قادر على اختراق الصف الآخر، وقد نجح جزئياً في التكتيك، فلماذا يغيب الكلام الجدي والعميق بين سعد الحريري ووليد جنبلاط؟ ولماذا تستمر البرودة بينهما، فيما هما أقرب الحلفاء؟ هل يجوز استمرار التواصل بينهما عبر وسطاء! نقول طبعاً لا، وندعوهما الى تواصل حقيقي والى إعادة بناء تحالفهما على قاعدة أن مصالحهما تتقاطع حكماً في الاستحقاق الرئاسي.