Site icon IMLebanon

مـا هـي أبعاد تسويق جنبلاط للحوار الموصد بابه بين “حركة أمل” و”تيار المستقبل”

مـا هـي أبعاد تسويق جنبلاط للحوار الموصد بابه بين “حركة أمل” و”تيار المستقبل” وماذا يرجى منه؟

هل يمكن ان ينشأ حوار متجدد بين رئيس مجلس النواب نبيه بري وزعيم تيار “المستقبل” الرئيس سعد الحريري، واذا ما صحت التوقعات وبدأ هذا الحوار، هل يتوج بنتائج عملية من شأنها ان تفتح الابواب السياسية الموصدة بإحكام؟

السؤال طرح ولا ريب في الايام القليلة الماضية مع سريان معلومات مفادها ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط شرع في وساطة مع الحريري المقيم في باريس لاعادة وصل ما انقطع من تحاور بينه وبين بري.

ووفق المعلومات اياها، فإن زعيم المختارة عاد الى بيروت بضوء اخضر مبدئي من زعيم “المستقبل”، فبادر الى مفاتحة زعيم “امل” بالموضوع ووجد عنده قبولاً واستعداداً لهذا الانفتاح، وخصوصاً ان بري لم يكن يوما الا من دعاة الابواب المشرعة ومن دعاة الحوار الدائم الذي لا غنى عنه ولا بد منه في بلد ذي طبيعة خاصة مثل لبنان.

هذه النتيجة كانت متوقعة سلفاً، فلا الحريري يمكنه ان يرفض طلباً من هذا النوع، ولا في مقدور بري تفويت مثل هذه الفرصة، والأمر لجنبلاط بالغ الأهمية خصوصاً بعدما استشعر في الآونة الاخيرة أن عجلة سير الامور سبقته وانه يكاد يتحول الى متقاعد سياسي بعدما صار قاصراً عن التأثير الفاعل، وعليه فإن ثمة من يرى أن ذهابه الى فتح ابواب الحوار بين هذين الطرفين هو ذهاب العاجز عن التأثير والفعل في الساحات والفضاءات الاخرى الاكثر

اهمية.

لا شك في ان ثمة اسئلة تطرح حيال حديث البحث عن سبل فتح قنوات الحوار بين “امل” و”المستقبل”، واولها هل هناك مشكلة او قطيعة ذات دواع عميقة واستراتيجية بين الطرفين تستوجب معاودة الحوار أو التهليل لمعاودة هذا الحوار؟ فالذي يسبر غور المسألة برمتها لا يلبث ان يدرك ان المشكلة هي بين “المستقبل” وحليف “امل” الاساسي اي “حزب الله”، وسبل كسر الجليد السميك امر ذو شأن آخر ومسالك اخرى مختلفة تماماً.

فضلاً عن ذلك ثمة سؤالان استتباعيان لازمان: الاول يتعلق بتجربة الحوار التي لم يمر عليها الزمن بين الرئيس بري ورئيس كتلة “المستقبل” النيابية فؤاد السنيورة، إذ لم يعد خافياً على ذي علم انه عندما بدأت جلسات التلاقي بين بري والسنيورة قبل نحو 7 اشهر، اعتبر البعض ذلك حدثاً نوعياً في بحيرة السياسة اللبنانية الراكدة يومذاك وبنيت عليه آمال ورهانات.

غير أن المعلومات المتوافرة التي كانت ترد من اوساط عين التينة أشارت الى جو من عدم الارتياح عند الرئيس بري لمسار نقاشات هذا الحوار. اضافة الى ذلك، فان كل التفاهمات التي جرت بينهما لم تصل الى خواتيمها المنشودة، وما عدا موضوع التمديد لمجلس النواب، الذي هو حاجة للجميع ومصلحة لهم، فان بقية البنود المتفاهم عليها كان بري يشكو صراحة من عدم مضي السنيورة قدماً بالتزامها، بها في حين ان ثمة مصادر اخرى قريبة من الطرف الآخر (أي “المستقبل”) شكت من عدم قدرة بري على الايفاء ببعض الوعود مع حليفه “حزب الله” وخصوصاً موضوع التمديد للرئيس السابق ميشال سليمان لا سيما ان بري ابدى تفهما لهذا المطلب “المستقبلي” ووعد بالموافقة عليه قبل ان يجد صدّاً ورفضاً مطلقين من قيادة الحزب. هي اذاً بالاجمال رحلة حوار غير مثمرة بين بري والسنيورة بل كانت تجربة شابتها مرارة من الطرفين، الى درجة ان ثمة من نقل عن جنبلاط قوله ان المسألة ليست مبدأ الحوار نفسه بل الكيمياء المفقودة اصلاً منذ زمن بين الرجلين، لذا كان اقتراحه تغيير شخوص الحوار وشكله وتسمية نادر الحريري مؤهلاً ليكون ممثل الرئيس الحريري في هذا الحوار المستقبلي.

وأمر استبعاد السنيورة عن الحوار ليس بالعابر، إذ ان ثمة سؤالاً يطرح حيال ذلك لدى أوساط “أملية” وشيعية على السواء، ومفاده هل يمكن ان تمر نتائج حوار عبر قنوات أخرى بين هذين الطرفين إذا لم يكن يحظى بموافقة السنيورة ورضاه؟

ولهذا السؤال أسسه السالفة. ففي عام 2007 ابرم في جدة تفاهم متكامل بين الحريري من جهة وممثلي حركة “أمل” و”حزب الله” (علي حسن خليل وحسين الخليل) من جهة أخرى، لكن سرعان ما انفرط عقده، وقيل يومذاك ان من بين الذين اسقطوه السنيورة نفسه. اضافة الى ذلك ثمة سؤال آخر يفرض نفسه حيال هذا الحوار المرتجى وهو: كيف يمكن تسييل نتائجه المتوخاة وصرفها، خصوصاً في مواضيع اساسية تتصل بالرئاسة الاولى وبعمل مجلس النواب والحكومة، فيما الكل يتصرف على اساس ان المطلوب الآن ابقاء كل شيء على حاله بانتظار مآل الامور في المنطقة؟

لا شك في ان الكل يعرف ان مبدأ الحوار أو بادرته المهمة هي نجاح بري في ثني “المستقبل” عن مقاطعته لمجلس النواب وجلسات التشريع فيه، وإلا فإن الطرفين في هذا النقاش كله انما يقفان على خاطر جنبلاط الذي كما كثيرين لا يرضى ان يظل في موقع المكتوف والقاصر عن الفعل؟