أعلنت السلطات العراقية أمس عن خطة امنية جديدة تهدف الى حماية العاصمة بغداد من اي هجوم محتمل. من قبل تنظيم داعش، في حين، دعت المرجعية الشيعية العراقيين لحمل السلاح ومقاتلة المسلحين بهدف وقف زحفهم المتواصل منذ خمسة ايام نحو العاصمة.
ويخوض الجيش العراقي اشتباكات مع المسلحين الذين يحاولون السيطرة على قضاء المقدادية بعدما مروا في ناحيتي السعدية وجلولاء القريبتين، في طريقهم الى مدينة بعقوبة (60 كلم شمال شرق بغداد) مركز محافظة ديالى، وفقا لمصادر امنية وعسكرية.
وفي بعقوبة، قال شهود عيان لفرانس برس ان القوات الامنية والعسكرية اجرت عملية انتشار كثيف في انحاء متفرقة من المدينة التي تسكنها غالبية من السنة تحسبا لاحتمال وصول المسلحين اليها.
ولم تؤكد المصادر الامنية والعسكرية الجهة التي ينتمي اليها المسلحون في ديالى، لكن تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» اقوى التنظيمات الجهادية المسلحة في العراق وسوريا اعلن على حسابه الخاص بمحافظة ديالى على موقع تويتر عن اشتباكات يخوضها في المقدادية.
وبدخولهم الى محافظة ديالى الواقعة على الحدود مع ايران والمحاذية لبغداد ايضا، اضاف المسلحون محورا ثالثا في مسار زحفهم نحو العاصمة حيث باتوا يتقدمون من محافظة صلاح الدين شمال بغداد فيما تستمر سيطرتهم على مدينة الفلوجة على بعد 60 كلم غرب العاصمة.
وتسود اجواء من التوتر والترقب بغداد منذ بدء الهجوم المباغت للمسلحين يوم الثلاثاء، حين نجحوا في السيطرة على محافظة نينوى الشمالية، وسط حال من الصدمة والذهول جراء الانهيار السريع للقوات الحكومية في نينوى وصلاح الدين.
خطة امنية
وفي هذا السياق، وضعت السلطات العراقية خطة امنية جديدة تهدف الى حماية بغداد من اي هجوم محتمل، بحسب ما افاد أمس الجمعة المتحدث باسم وزارة الداخلية العميد سعد معن. واوضح معن في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية «وضعنا خطة جديدة لحماية بغداد»، مضيفا «اليوم الوضع استثنائي واي عملية تراخي قد تسمح للعدو بان يحاول مهاجمة بغداد (…) ويجب ان يكون هناك استعداد».
وذكر ان الخطة تشمل «تكثيف انتشار القوى وتفعيل الجهد الاستخباراتي و(زيادة) استخدام التقنية مثل البالونات والكاميرات والاجهزة الاخرى، اضافة الى التنسيق مع قيادات العمليات في محافظات اخرى، ورفع الروح المعنوية للمقاتلين».
وعن امكانية استقدام قوات من اماكن اخرى، قال معن «القوة الموجودة في بغداد كافية، ولكن هناك رغبة في الشارع للتطوع» استعدادا لاي هجوم محتمل.
وفي محافظة صلاح الدين، حيث يسيطر مسلحو «الدولة الاسلامية» على مدينة تكريت (160 كلم شمال بغداد)، مركز المحافظة ومعقل الرئيس السابق صدام حسين، قال شهود عيان ان المقاتلين الجهاديين ارسلوا تعزيزات كبيرة الى محيط مدينة سامراء (110 كلم شمال بغداد).
واوضح شهود العيان في قضاء الدور الواقع بين تكريت وسامراء ان «اعدادا لا تحصى من السيارات الى تحمل المقاتلين توجهت منذ (الخميس) نحو محيط سامراء»، في ما يبدو عملية حشد قبيل هجوم محتمل على المدينة.
وأفاد مصدر رسمي لقناة «العربية» ان «رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وصل الى سامراء برفقة وفد عسكري»..
وتحوي سامراء مرقد الامامين العسكريين، علي الهادي الامام العاشر وحسن العسكري الامام الحادي عشر لدى الشيعة الاثني عشرية، والذي ادى تفجيره عام 2006 الى اندلاع نزاع طائفي قتل فيه الالاف.
القنصلية التركية
الى ذلك، اعلن مسؤول تركي كبير ان تركيا تلقت تحذيرات من احتمال وقوع هجوم على قنصليتها في الموصل حيث يحتجز مقاتلون جهاديون 49 من رعاياها رهائن منذ الاربعاء.
وقال نائب رئيس الوزراء التركي بولند ارينج للصحافيين «لقد وصلتنا معلومات بان الدولة الاسلامية في العراق والشام على وشك مهاجمة قنصليتنا مع تقدمها» في العراق.
من جانب اخر، احتجز المقاتلون الجهاديون الذين دخلوا الموصل ثاني مدينة في العراق، 31 سائق شاحنة تركية ايضا. واكد ارينج ان السلطات التركية على اتصال هاتفي مع الرعايا المحتجزين.
وكان وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو أكد ايضا (أول من أمس) الخميس ان حكومته تجري محادثات من اجل الافراج عن الرهائن.
ونفى ارينج بشكل قاطع ان تكون السلطات التركية على اتصال مع جهاديي «الدولة الاسلامية في العراق والشام» وكرر القول ان حكومته لم تقدم ابدا مساعدة عسكرية لهذه المجموعة الناشطة ايضا في سوريا. وقال ارينج «ان تركيا لم تقدم ابدا اسلحة الى هذه المجموعات. ليس لدينا اية علاقات معهم».
السيستاني
من جانبه، قال الشيخ عبد المهدي الكربلائي (ممثل المرجع الشيعي الاعلى اية الله العظمى السيد علي السيستاني) في خطبة الجمعة في كربلاء ان «على المواطنين الذين يتمكنون من حمل السلاح ومقاتلة الارهابيين دفاعا عن بلدهم وشعبهم ومقدساتهم التطوع والانخراط بالقوات الامنية لتحقيق هذا الغرض المقدس». واعلن ان «من يضحي منكم في سبيل الدفاع عن بلده واهله واعراضه فانه يكون شهيدا».
مفتي العراق
من جانبه، استغرب مفتي الديار العراقية العلامة رافع الرافعي، «اتهام الثوار الأحرار» بانتمائهم إلى تنظيمات إرهابية، مثل «تنظيم داعش الإرهابي»، وذلك بهدف الإيقاع بين الثوار وأبناء المدن التي يحررونها. ووصف المفتي، في بيان عن الأحداث الجارية في العراق، ما يجري هناك بعملية تحرير للشعب العراقي، خصوصا السنة، ورفع الظلم الذي لحق بهم من جيش المالكي.
ورفض الرافعي تنظيم «داعش» الذي وصفه بالإرهابي، وطلب من أبناء المدن التعاون مع «الذين يحررون المدينة تلو الأخرى»، لأنهم سيخلدون العراق من ظلم حكومة المالكي. وامتدح المفتي الثوار في العفو عمن سلم سلاحه، وأكد أنهم بعيدون عن الطائفية، حيث لم يعتدوا على دور العبادة للديانة المسيحية وغيرها.
هيئة علماء المسلمين
بدورها ، قالت هيئة علماء المسلمين في العراق إن تعميم مصطلح الدولة الإسلامية في العراق والشام على المشهد الأمني الذي يشهده العديد من المدن العراقية، عملية يراد منها إجهاض ما سمته الثورة. كما وصفت الهيئة الدعوة التي أطلقها المتحدث باسم الدولة الإسلامية بالذهاب إلى كربلاء والنجف بالأمر المرفوض وغير المسؤول.
قلق اممي
من جهة اخرى، أعربت المفوضة الدولية لحقوق الإنسان نافي بيلاي عن قلقها «البالغ» من عمليات إعدام وقتل غير قانونية وتشريد نحو نصف مليون شخص في العراق في الأيام الأخيرة مع تصعيد هجمات المسلحين في عدة محافظات عراقية، وأضافت أن عدد القتلى قد يصل إلى المئات.
وقال المتحدث باسم منظمة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة روبرت كولفيلي إن عدد الذين قتلوا لدى سيطرة المسلحين على مدينة الموصل خلال الأيام القليلة الماضية يصل إلى المئات.
وقال إن لدى مكتبه تقارير تفيد بأن عمليات القتال شملت إعدام 17 مدنيا يعملون لدى الشرطة، وموظفا يعمل في محكمة بالموصل.
وأشارت تقارير المكتب الأممي إلى أن أربعة نساء انتحرن بعدما تعرضن للاغتصاب، وأن 16 أردنيا اختطفوا، في حين أبدى السجناء الذين فروا من السجن رغبتهم في السعي للانتقام من سجانيهم.