Site icon IMLebanon

من تفجير ضهر البيدر إلى قطوع الأونيسكو

من تفجير ضهر البيدر إلى قطوع الأونيسكو

 

كيف سيتعامل الشيعة للحدّ من امتداد النيران العراقية والسورية؟

من مصبّ النهر الكبير شمالاً إلى رأس الناقورة غرباً وجنوباً، مروراً بخط القمة الفاصل بين وادي خالد ووادي نهر العاصي، وكل المحافظات والأقضية (حدود دولة لبنان الكبير) كانت المخاوف من عودة التفجيرات «الإنتحارية» أو «الإرهابية» أو «الجهادية» (لا همّ في التسمية) تقض مضاجع اللبنانيين، أولئك النّاس الذين ظنوا «لوقت ما» أن لعنة الحرب المتفجرة منذ العام 2003 في العراق، والعام 2012 في سوريا هم بمأمن عنها، أو ان حريق «الربيع العربي» لن يمتد إلى أرض «بلاد الأرز» الخضراء، أو أم «الديمقراطيات» في الشرق العربي – الإسلامي، كما في الغرب الغربي – الإسلامي.

وبصرف النظر عمّا إذا كان المستهدف من التفجير الانتحاري عند حاجز قوى الأمن الداخلي في ضهر البيدر، وهو الطريق الدولي الذي يربط البقاع بالعاصمة بيروت مروراً بالجبل، يستهدف المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم أم لا، وبصرف النظر عمّا إذا كانت «مجموعات إرهابية» هي من نزلاء فندق «نابليون» في شارع الحمراء في بيروت بينهم عناصر آتية من بعض بلدان «النيران الملتهبة» في القطرين العراقي والسوري أم لا، فإن المعلومات على قلتها أو كثرتها، تنبئ بتجاوز لبنان يوم الجمعة الماضي، مطباً أمنياً خطيراً.

لا يمكن لفضيحة تفتيش «النزلاء العرب» في بعض فنادق بيروت بالشكل الذي حصل، وهم أصلاً آتون للمشاركة في المؤتمر القومي العربي – الإسلامي في العاصمة، أن تحجب أمراً خطيراً جداً، أن في بعض هذه الفنادق تلتجئ «مجموعات جهادية» على غرار ما حصل، عندما انطلقت المجموعة التي فجّرت مبنى السفارة الإيرانية في بئر حسن في الشتاء الماضي.

وبالعودة إلى «الهزة النفسية والسياسية» التي أعقبت التفجير الانتحاري وعمليات التفتيش، والـ Panique السياسي والدبلوماسي في 20 من الشهر الجاري، فإن الثابت «بالوقائع والاستنتاجات والتوقعات» أن لبنان لن يكون بمنأى عن الحرب النارية الملتهبة في دولتي العراق وسوريا، سواء أكانت المسألة تتعلق بـ «داعش» (وهي الأحرف الأولى من تسمية دولة العراق والشام الاسلامية) أم بالتنظيمات «الجهادية» أو «المتطرفة» أو «الإرهابية» الأخرى، من ألوية «وجيوش» وأمراء وإمارات أين منها تجربة «ملوك الطوائف» في المغرب العربي – الإسلامي عندما انهارت دولة الخلافة، سواء في بغداد وقبلها في دمشق.

في الحسابات الجديدة – القديمة، أن التجمعات أو المؤسسات، أو الجغرافيا البشرية لطائفة كبرى في لبنان، هم المسلمون الشيعة اللبنانيون، في دائرة الاستهداف، امتداداً للحرب ضد نوري المالكي في العراق وبشار الأسد في سوريا، من دون أن يعني ذلك أن طوائف أخرى أو قيادات أخرى من طوائف أو مدن محسوبة على طوائف، كطرابلس وصيدا (ذي الأكثرية السنية) مستهدفة أيضاً.

من هذه الزاوية في الذات، عقدت الأحزاب والشخصيات الشيعية في الأيام الماضية سلسلة من الاجتماعات، تدارست خلالها ما يتوجّب اتخاذه من إجراءات ترفد إجراءات الدولة اللبنانية، وتستجيب لها على كل المستويات، لا سيما تلك التي تصدر عن الحكومة أو قادة الأجهزة العسكرية والأمنية.

وتأتي هذه الاجتماعات للبحث في الموقف، في ضوء ما تجمع لدى الأجهزة والسفارات من معلومات عن طبيعة الصراعات الجارية واستهدافاتها اللبنانية، عبر اغتيالات سياسية لشخصيات رفيعة، أو استهداف منشآت حيوية، كالمستشفيات والمطاعم والمنشآت الثقافية والسياحية، أو استهداف تجمعات في مناسبات دينية كالجنائز والتشييع، أو المآدب الرمضانية.

وعلى هذا الأساس، اعتبرت جهات متصلة بهذا الملف، أن إلغاء مؤتمر الأونيسكو للهيئات الاختيارية، جنّب لبنان «قطوعاً خطيراً» فيما لو انعقد، وتمكنت «المجموعات الارهابية» من استهدافه أو النيل من الرئيس نبيه برّي، رئيس المجلس النيابي، والشخصية الشيعية الرفيعة في النظام السياسي اللبناني، والذي لو حصل أي استهداف له، فان «فتنة كبيرة» ستصبح ممكنة الوقوع، تماماً كما حصل لدى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط عام 2005.

ومن هذه الحيثية السياسية» المتفق عليها، فان الإجراءات التي بدأتها حواجز الجيش اللبناني، عند نقاط العبور المحورية، جنوباً وبقاعاً، وفي مختلف المناطق، بعد ظهر السبت الماضي، لاقت ارتياحاً، على الرغم من «قساوة الانتظار»، والعودة إلى «الصفوف الطويلة» لإنهاء عمليات التفتيش والتدقيق عند الحواجز للعابرين جنوباً إلى مدن النبطية وصور ومرجعيون وبنت جبيل وحاصبيا وسواها.

من الإجراءات التي اتخذت تدابير تتعلق بالسير وتحويلاته في بعض المدن، التي قد تشهد اكتظاظاً بشرياً في المناسبات الرمضانية، لا سيما في الاوقات الممتدة بين السحور والإفطار، منعاً لأي ثغرات قد ينفذ منها المخططون للضربات، التي تهدف إلى «قتل أكبر عدد من الناس» أو بإشاعة أجواء الذعر والفوضى والانتقام.

وتدارست الإجراءات وسائل التنسيق والتعاون، بين «الأطراف الحزبية» والانصياع إلى توجهات القيادات العسكرية والأمنية في المناطق، فضلاً على التشديد والتضييق على تحركات عناصر من جنسيات تشهد بلدانها «اضطرابات وصراعات» عنيفة.

من المؤكد انه لا يمكن الحديث عن «مناطق صافية» أو عنصرية «مستجدة»، لكن حسابات الصراعات لا تتفق غالباً مع حسابات «السلوك الخلقي والاجتماعي» والمناقبية التي اشتهر بها اللبنانيون، على شتى مذاهبهم وانتماءاتهم، من الناحية التاريخية.

ثمة اقتناع لا يرقى إليه الشك، انه عندما تتغيّر الدول، على «الطوائف» التي تحمي «رؤوسها» باللجوء إلى الدولة إذا أمكن، وإلا فاللجوء إلى التدابير الذاتية، في ظل «النقاء المذهبي» للجغرافيا، ووفرة الأسلحة وانتشارها بيد النّاس، لا سيما «جمهور الطوائف» المتحدة في حكومة المصلحة الوطنية.

ومع هذه «الوقائع الأمنية» وتداعياتها المتقبة على الأرض، ثمة قرار سياسي كبير، عند «الفئتين الكبيرتين» المعنيتين بـ «حرب المنطقة وصراعاتها على السلطة» بعدم التفريط بوحدة السلطة السياسية، والقرار الوطني اللبناني العام، تمهيداً لإعادة انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

والاعتبار الرئيسي في مثل هذا التوجه أن انهيار الإجماع حول الدستور المؤسس لسائر السلطات، من شأنه أن يلحق البلد بصراعات تبدأ ولا تنتهي، لأن حرب لبنان طوال 15 عاماً أنتجت تسوية الطائف، وحروب المنطقة اليوم، لا أحد بإمكانه أن يتكهن باكراً ما هي التسويات التي ستنتجها، سواء عبر الدول الموحدة، أو الفيدرالية أو الجديدة؟!